بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

حتى لا يفشل منتدى الشباب؟

جميل أن تعمد الجمهورية الإسلامية الموريتانية إلى تنظيم منتدى وطني لشبابها من أجل فهم حاجياته وتطلعاته حتى تتمكن من صياغة سياسة وطنية للشباب تضمن لها المزيد من إشراكه في تنمية البلاد الاقتصادية والاجتماعية وتمكنها من الحصول على إستراتيجية فعالة لتنفيذها، مستعينة على ذلك بآراء قادة الرأي في البلد والشركاء في التنمية، ومنطلقة من أجل ذلك أيضا من تحسيس الشباب حول الأهداف التنموية الكبرى للبلد والتحديات الكبيرة التي يواجهها في طريق أدائه لدوره المنوط به، وكذلك من إنشاء حركة جمعوية وطنية للشباب القادرين على مواكبة وتطور البلاد.
حضور متميز..

والأجمل من ذلك هو الحضور الشبابي المكثف الذي تميز به المنتدى حتى عجزت قاعة "قصر المؤتمرات" من احتوائه، في مشهد أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه ينبأ عن مدى وعي الشباب الموريتاني بدوره الحيوي في النهوض بالوطن ودفع عجلة التنمية فيه، مجسدا ذلك في حضوره المكثف لكل الفعاليات الوطنية التي تعنى بالشباب وتسعى بشكل أو بآخر إلى الرفع من مستواه التكويني والتأهيلي، والذي تتعانق فيه دوما حجم المسؤولية الملقاة على الشباب في إنجاحها مع مستوى عال من الحضور الشبابي المتميز من حيث المسؤولية وحسن السلوك واللباقة في التعامل مع المنظمين وهو ما قد يشهد عليه كل من حضر المنتدى.
ارتجالية فوق العادة..

لكن مما ساءني وأنا أشارك في أعمال المنتدى أو ما يمكن أن أسميه بـ"الفكرة الرائدة والفريدة" هو تلك الارتجالية التي طبعت عملية إخراجه، والتي انعكست بشكل واضح على إخراج طبعته الأولى بل ربما تعصف بها وتحول دون تحقيق المنتدى الشبابي لأهدافه المرجوة منه وبالتالي وأد عملية إشراك الشباب في التنمية في مهدها بعد أن أصبحت ضرورة تفرض نفسها وخصوصا في ظل المتغيرات الراهنة.

وحتى نضع النقاط على الحروف، فقد تم كأول إجراء "تنظيمي" خارج القصر تقسيم أعداد هائلة من البطاقات على المشاركين من الشباب والكهول - على حد السواء – كان معيار "الوساطة" و"القرب" "والولاء الإيديولوجي" الحاضر الأبرز فيها الشيء الذي جعل الحضور يفوق الطاقة الاستيعابية للقصر الذي يدعى بقصر المؤتمرات الدولي، وأدى بلجنة التنظيم أن تلجأ إلى الإبقاء على العديد من المشاركين في باحة القصر بعد أن منعتهم من الدخول للقاعة الرسمية بحجة امتلاء القاعة.
تسييس وأدلجة..

والأمر من ذلك هو كون الأمر – أعني معايير تقسيم البطاقات - يمكن أن يكون شاهد عدل على إمكانية تسييس هذا المنتدى وإخضاعه للصراعات الأيدلوجية الذي بات بعض المشاركين يتخوف منه أكثر من غيره الشيء الذي – وقع بالفعل - قد يسرع بموت المنتدى سريريا على الأقل إن لم يقض عليه بشكل كامل.

فيما كان الإجراء الثاني داخل القاعة هو عدم توزيع خارطة المقاعد داخل القصر على الوفود والمدعوين بل حتى على المشاركين، حيث عملت لجنة التنظيم على عدم تخصيص مقاعد وإن قلوا للصحافة الوطنية الساعية لتغطية الحدث الشبابي الهام واكتفائهم بمنحهم بطاقة غير موقعة تسمح لهم فقط بدخول القاعة دون أدنى مميزات.
صورة مهينة..

ضف إلى ذلك سعي اللجنة إلى حشر الشباب المشاركين الذين هم المعني الأول والأخير في زاوية ضيقة بمؤخرة القاعة في صورة مهينة - حسب تعبير أحدهم – وتنبأ بجلاء بأنه لا شيء قد تغير حتى الآن فالأمر لا يعدوا كونه رتوش مضلل يكرس السياسات المعتمدة عند الأنظمة المتعاقبة نحو العناية بالشباب والتي مل الشباب اجترارها، دون جني أي فائدة منها - يعلق آخر -.
استمارة ودعوات..

كما أن تقسيم استمارة معقدة على الشباب المشاركين دون أن يتلقوا أي دورة تكوينية أو شرح على الأقل من اللجنة المشرفة، حتى يستطيعوا التعامل معها بما يضمن استفادة الوزارة منها والبناء عليها في صياغة السياسة الوطنية للشباب التي تعد أحد الأهداف الرئيسية للمنتدى أيضا من الأمور التي قد تنسف بالجهود المبذولة في سبيل إنجاح المنتدى، بل ستعمل بلاشك على إفشاله لا قدر الله ذلك.

وفي صورة أخرى من صور الارتجالية - التي قصمت ظهر البعير – ما كان من المشرفين على المنتدى من تقصير في جانب الدعوات، حيث لم تصل لا المؤسسات المعنية بالشأن الشبابي ولا المؤسسات الإعلامية المستقلة العاملة في البلد أي دعوة لحضور هذا الحدث الهام والذي كان من المفترض أن يكون محل اهتمام للقطاع الإعلامي عكس ما تم من إقصائه بشكل مقصود آو غير مقصود مكتفين، بالمؤسسات الإعلامية الرسمية أعني الإذاعة والتلفزة.
تنبيه..

وانطلاقا من حاجة الشباب - في ظل المتغيرات الدولية الراهنة – لهذا النوع من المنتديات الشبابية بل إلى البرلمانات الشبابية على غرار ما هو واقع في العديد من دول العالم، ولأنني أحد هذا الشباب وأعاني معاناتهم وأحمل همومهم، فإني أنبه إلى بعض الأخطاء الكبيرة التي سجلتها أيام مشاركتي في منتدى الشباب الوطني من باب النقد البناء، يحدوني الأمل في أنها ستسجل عند الجهات المعنية حتى يقوم على أساسها المنتدى وتتم الاستفادة منها من طرف الجهة المذكورة في النسخ القادمة من طبعاته وإلى أن ينجح المؤتمر أو يفشل - وهو ما لا نبغيه - يبقى أمل الشباب معقودا في ما قد يتحقق من نتائج كانت متوخاة من المنتدى وكيف ستنعكس على واقع الشباب المزري حقيقة؟


الثلاثاء، 15 ديسمبر 2009

موريتانيا تحتاج للجميع

كانت تصريحات الرئيس محمد ولد عبد العزيز عقب زيارته لمستشفى الشيخ زايد واستقباله لبعض الشخصيات المعارضة أو المحسوبة على المعارضة كافية لإظهار حالة التشكل السياسي المرتقب عقب الانتخابات الأخيرة التي أوصلت ولد عبد العزيز إلى سدة الحكم.
هذا التشكل المرتقب، هو ما جعل العديد من المحللين السياسيين يتحدث عن إمكانية استغلال الرئيس ولد عبد العزيز له من أجل تطويعه عن ذكاء لإدارة الحكم وبناء "موريتانيا الجديد" وخصوصا بعد أن بات من المحقق الحديث عن تشكل سياسي جديد، وأنه يمكن للرئيس ركوب موجته، هذه للعبور بموريتانيا إلى شاطئ النماء.

تشكل سياسي..
هذه الانتخابات وما أعقبها من المواقف المتباينة حولها مثلت ما يمكن أن نصطلح عليه بداية التشكل السياسي الجديد الذي بدأ يظهر رغم كل تصريحات الرئيس ولد عبد العزيز القاضية بعدم إشراك المعارضة - أو تحديدا كل من لم يدعمه في الانتخابات - في الحكومة، إن لم يكن في كل القضايا المتعلقة ببناء "موريتانيا الجديدة"، وفتح الباب واسعا أمام قوى الأغلبية من خلال صلاحياتها "الواسعة" لإدارة شؤون الحكم دون أن يكون هناك من ينغص عملها أو من يمكن أن تسول له نفسه أن يتقاسم معها الكعكة.
ورغم طمأنة قوى الأغلبية من طرف العديد من المحللين السياسيين بأن كل المؤشرات تنبأ بعدم وجود أي تشكل سياسي ينسف بتشكل ما قبل الانتخابات إلا أن الرياح باتت مؤخرا تسير عكس ما تشتهيه السفن حيث أن ولد عبد العزيز بدأ يخطط لما يقول البعض أنه محاولة لتفكيك المعارضة لأسباب تتعلق بأسلوب إدارة الحكم، أو يحاول بطريقة أو بأخرى - بناء على معطيات ما بعد الانتخابات وبالأخص ما أفرزه التعاطي بين المعارضة والحكومة في الفترة نفسها - أن يشرك "المعارضة الناصحة" في إدارة شؤون الحكم ويقطع الطريق أمام "المعارضة المتشددة".

مصطلحات جديدة..
بناء على مستوى التعاطي بين الحكومة والمعارضة اصطلح العديد من المراقبين على مصطلحي "المعارضة الناصحة" والمعارضة المتشددة" فكان الأول من نصيب بعض الأحزاب والشخصيات السياسية التي اعترفت بنتائج انتخابات الثامن عشر من يولو الماضي، أو التي اعتبرتها مكسبا مهما تجب المحافظة عليه، كما أنها اتخذت من النصح والتعاطي بإيجابية مع القضايا التي تتطلب ذلك، وكذلك تثمينها للعديد من الأمور التي تستحق التثمين حسب رأي العديد من المهتمين بالشأن السياسي، فيما كان مصطلح "المعارضة الناصحة" من نصيب الذين لم يعترفوا بنتائج الاقتراع، واتخذوا مواقف يرى البعض بتشددها وإن كانوا هم يرون عكس ذلك، ويقولون أنهم إنما اتخذوها على مضض ومن أبرز مواقف المعارضة المتشددة حسب المصطلح الجديد موقفهم من الانتخابات الماضية وكذاك موقفهم من محاكمة رجال الأعمال الموريتانيين، وهي المواقف ذاتها التي ترى قوى الأغلبية أنها بالمتشددة وأصبحت تنظر، إليها - أعني المواقف - بعين الشك والريبة بل الأمر من ذلك كونهم يفسرونها على أنها محاولة لتأزيم الأوضاع وبالتالي إفشال أداء الحكومة الحالية.

استقبال وتهجم
هذا التشكل الجديد الذي برز إلى العيان وخصوصا بعد لقاء الرئيس ولد عبد العزيز للعديد من الشخصيات السياسية المهمة المحسوبة على المعارضة وبعض رؤساء الأحزاب المعارضة كذلك في مقابل التهجم وبشكل واضح وصريح على البعض الآخر من طرف الرئيس نفسه، بل ساهمت فيه أيضا – بشكل مقصود أو لا مقصود - التلفزة الوطنية التي تعد الوسيلة الإعلامية المرئية الرسمية الوحيدة في البلد، كان كافيا لإثارة الجدل حول مستقبله وهل يمكن أن يخلق ارضية جديدة ليس فقط للتصالح رغم أهمته وإنما أيضا لفتح المجال واسعا أما مشاركة الجميع في بناء الدولة الجريحة.

ديمقراطية عقيمة..
ومهما يكن فإن على الرئيس أن يستغل هذا التشكل ليس من أجل احتواء البعض وإقصاء الآخرين بل في جعل الكل يساهم حسب موقعه في الأغلبية أو في شقي المعارضة في بناء موريتانيا الجديدة التي تعهد الرئيس ببنائها لأن بناء موريتانيا الجديدة لا يمكن أن يكون حكرا على مجموعة دون أخرى كما أنه ليس مرتبطا بأداء أغلبية ولا أقلية وإنما يحتاج إلى تضافر جميع الجهود الوطنية المخلصة من أجل بنائها على أساس قوي يضمن لها النماء والازدهار، كما أن إشراك الجميع في عملية التنمية والبناء يتطلبه منطق وأسس الديمقراطية السليمة عكس ما شاع في العقود الأخيرة من سيطرة قوى الأغلبية على الحكم واستئثارهم بإدارته حتى لا أقول "بناء الدولة" تجسيدا لديمقراطية "جديدة" أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها عقيمة.

الاثنين، 14 ديسمبر 2009

قبل أن يستفحل الخطر..

بعد عملية اختطاف المواطنين الأسبان نهاية الشهر المنصرم كانت قرية"امنيصرات" على موعد مع عملية مماثلة يوم السبت الماضي راح ضحيتها مواطنون إيطاليون، لتعيد التخوف من جديد حول إمكانية انتشار عمليات الاختطاف في القطر الموريتاني الذي لم يألف قط عمليات مشابهة وكان إلى عهد قريب مقصد العديد من الأجانب لما يتمتع به من أمن واستقرار.

تنسيق مشترك
بعد تغيير قيادة الدرك الوطني والتحويلات الواسعة في سلك الشرطة الوطنية عقب اختطاف المواطنين الأسبان وإقرار "قانونها الجديد" جاءت عملية اختطاف مواطنين إيطاليين من أصل مالي، لتجعلتنا نتساءل -ولنا الحق في ذلك-عن السر في تكرار هذا النوع من العمليات؟ وما مدى تأثيرها على الأمن الموريتاني وخصوصا بعد اعتراف الرئيس الموريتاني نفسه بوجود تراكمات أمنية كانت السبب في نجاح عمليات الاختطاف هذه؟
وإذا كانت موريتانيا ليست بدعا من الدول التي تشكل معها إقليما موحدا والتي ينشط فيها تنظيم القاعدة في المغرب العربي وجعل منها مسرحا للعديد من العمليات "الإرهابية" بمختلف أنواعها وأشكالها، كعمليات التفجير والاختطاف.. وغيرها مع ما تتمتع به بعض هذه الدول من تجهيزات، لمحاربة هذا النوع من الأعمال المخربة والتي تفوق طبعا التجهيزات الأمنية التي تتمتع بها الدولة الموريتانية الوليدة، وأنها باتت مهددة مثل العديد من الدول المجاورة لها بعمليات ارهابية تختلف باختلاف تطور وسائل وأهداف التنظيم المذكور، إلا أنه لا يمكن أبدا التذرع بكون محاربة هذا النوع من الأعمال الإرهابية مرتبطا بشكل كامل بأمن دول الإقليم وأنه مهما بلغت تجهيزات الدولة الفتية وتحصيناتها الأمنية فلن تجدي نفعا و لن تحد من تنفيذ تنظيم القاعدة لأي عمل يود القيام به على أراضيها إلا إذا وجد تنسيقا أمنيا مشتركا بين كل دول الإقليم.

دعوة للتدارك..
وإنما يمكن تدارك الأمر - رغم كونه أمرا شائكا وجد خطير ومشتركا أيضا بين دول إقليم كامل - إذا ما تم العمل على إعداد هيكلة جديدة وجادة لقطاع الأمن الوطني ومده بأحدث أنواع التجهيزات وتكوينه بما يتلاءم و تطور الأحداث الأمنية ووسائلها هذا إضافة إلى تحسين وضعية العاملين بالقطاع كعامل يضمن لهم القيام بمهامهم كما ينبغي، كما أن إشاعة الأخلاق الفاضلة والعدل بين الناس، وعدم مصادرة آرائهم بل منحهم الفرصة للتعبير عنها كل هذه أمور مهمة للمواطن نفسه قد تحول دون اندفاعه فيما لا تحمد عقباه، وأيضا أنه بمراعاة كل هذه الأمور المذكورة وغيرها قد يغير من الوضع الحالي ويجعل من موريتانيا دولة تتمتع  بتحصيناتها الأمنية التي تضمن لها الحفاظ على مواطنيها بشكل خاص وعلى رعاياها بشكل عام، وبالرغم من أن الأمر بالغ الصعوبة والتعقيد إلا أن تمتع الجهات المعنية بالإرادة القوية والجادة والمشوبة بشحنة كبيرة من الإخلاص ستحقق بلاشك المراد وتدفع بموريتانيا نحو مزيد من الأمن والأمان والتقدم والازدهار، وبالرغم من كون موريتانيا "دولة" من إقليم معين له إشكالاته الأمنية الخاصة والتي تتطلب تنسيقا أمنيا مشتركا بين جميع الدول المكونة له بما فيها محور - مالي والجزائر والمغرب - إلا أنه لا يمكن أن يكون ذلك عائقا أمام الأمن الموريتاني في ضبط أراضيه وجعلها محصنة ضد أي عمل يعرض ساكنتها للخطر.
ومن هنا أوجه دعوة إلى الرئيس الموريتاني والجهات المختصة والوصية أن تتدارك الأمر قبل أن يستفحل ويصعب حينها القضاء عليه، من منطلق أن هذا النوع من الأعمال يقضي على العنصر البشري الذي حثت جميع الشرائع على المحافظة على حياته كما أنه يعيق التنمية في البلاد ويشوه سمعتها في العالم.  

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2009

الحرب على الفساد.. هل سيكون الرئيس عند حسن الظن؟

لا تزال قضية اعتقال رجال الأعمال الموريتانيين في إطار ما بات يعرف بالحرب على الفساد التي وضعها محمد ولد عبد العزيز على رأس برنامجه الانتخابي والتي شرع فيها منذ البدايات الأولى لحكمه ربما وفاء بتعهده الذي قطعه على نفسه وانتخب من أجله الشغل الشاغل للمواطن الموريتاني الذي لم يألف قط اعتقال رجال الأعمال، بل يصف عملية الاعتقال هذه بالخطيرة على أمن واستقرار البلد ويرجع ذلك إلى قناعته الراسخة بأن رجال الأعمال هم المتحكمون في البلد ويملكون زمام الأمور كما أنهم هم من يتحكمون أيضا في حركة السوق وبالتالي في أرزاق هذا الشعب المسكين ويعتبرون أن محاكمتهم على أي قضية كانت هو نوع من وضع البلد على الهاوية والمجازفة بالأمن الغذائي للشعب الموريتاني.

حرب شعواء..
وقد بدأ الرئيس محمد ولد عبد العزيز حربه الشعواء هذه بعمليات تفتيش يصفها البعض بالواسعة طالت العديد من الإدارات العمومية والشركات الوطنية، تم من خلالها الوقوف على حجم الفساد المنتشر في البلد وتمت محاسبة كل من هؤلاء بالتجريد من الوظائف حيث تم تجريد العديد من الأشخاص من وظائفهم وهو ما يعزوه بعض مناصري الرئيس إلى نتائج التفتيش التي أظهرت حجم الفساد في البلد فيما شكك معارضوه في جدوائية عملية التفتيش أصلا واعتبروها "حقا أريد به باطل" ويستدلون على ذلك بما وصفوه "بالانتقائية" التي مارسها ولد عبد العزيز في عملية التجريد هذه.
أما الخطوة الثانية هي اعتقال أبرز رجال الأعمال الموريتانيين ممن ترى السلطة الحاكمة أنها أثبتت ممارستهم لأعمال فساد من خلال تحويلات مالية تصفها بالمشبوهة عملت بناء على ذلك على مصادرة معداتهم عند شرطة الجرائم المالية حتى يستعيدوا للدولة كل ما أخذوا بغير وجه حق حسب تعبير السلطة، وهو ما أثار جدلا كبيرا في البلد ليس أقله أهمية الاتهامات المتبادلة بين أنصار الرئيس ومعارضيه ففي الوقت الذي يصف فيه أنصار الرئيس الخطوة بالجادة والمعبرة عن وفاء الرئيس بتعهداته أمام شعبه، معتبرين أن قضية الفساد قضية جوهرية ويمكن محاربتها رغم حساسيتها وتشعبها ،وما تحتاجه فقط إرادة قوية وجادة وشجاعة تبعث على الإقدام ولو على خطوة واحدة في اتجاه محاربتها فأول الطريق خطوة، فيما يعتبر معارضو الرئيس الخطوة بغير الجادة، ولا تستهدف سوى الشخصيات المعارضة وبالذات التي امتنعت عن التصويت للرئيس في الانتخابات الأخيرة، فالخطوة – كما يقول أحدهم انتقائية إلى حد الثمالة، ويتساءل آخر ألم يشمل الرئيس في خطاباته الرنانة العديد من الشخصيات التي وصفها آن ذاك بالمفسدة وبأنها هي من أنهكت البلد وعبثت بخيراته وحينما اتجهت الشخصيات نفسها إلى دعمه حتى بعد الانتخابات سكت عنها ولم تطلها حتى الآن أية عملية اعتقال ولا حتى عملية تفتيش؟.

الطريق الشائك..
إن على الرئيس ولد عبد العزيز أن يفهم أن الحرب على الفساد و المفسدين يجب أن تظل على رأس أولوياته حتى لا تظل مقدرات شعبه وهيبة دولته في مهب الريح كما أنها أيضا أساسية في جانب رد الاعتبار للدولة في جميع أبعدها بل يمكن ايضا أن تسترجع الدولة من خلالها بعضا من أموالها وبناها التحتية لتساهم في تنميتها وتدعيم قدرتها المالية التي هي العجلة الأساسية في نماء الدول.
كما أن عليه أيضا أن يفهم أن "الحرب على الفساد" طريق شائك يحتاج سالكه إلى خطوات أكثر تركيزا، بعد أن تسبق بتمهيد للطريق حتى لا يتوقف سالكها في أول الطريق ليعود أدراجها وإلى الأبد.
كما أنها طريق تحتاج مزيدا من قوة العزيمة والتجرد من كل الأهواء والمواقف السياسية ووضع الجميع في سلة واحدة، مساويا بين "القريب" و"البعيد" والموالي والمعارض وبين رجل الأعمال والتاجر الصغير والمسؤول الكبير والموظف البسيط فالكل يجب أن تطاله حملة التفتيش وموجة الإعتقلات ويد العدالة دون استثناء مهما كان موقفه أو موقعه السياسي أو الإجتماعي، لكن انطلاقا من مبدء المساواة.
إلى ينقشع الظلام وتكشف النوايا حول موضوع الحرب على الفساد بشكل عام واعتقال رجال الأعمال منه بشكل خاص وعن مدى جدية هذه الحرب وقدرتها على المواصلة حتى تحصد على الأقل القدر الأدنى من النتائج المتوخاة منها، يبقى أمل الموريتانيين كبيرا في رئيسهم ومن يفترض أن يكون قائد مسيرة الإصلاح فيهم حتى يستعيد لدولتهم الوليدة هيبتها ويحافظ على مقدراتها وثرواتها من يد التخريب والفساد، فهل سيكون الرئيس محمد ولد عبد العزيز عند حسن ظنهم؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة بإذن الله

الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

متى يتوقف نزيف الرشوة؟

من الطبيعي أن يدخل حاملو الشهادات في حركة متسارعة مع كل إعلان عن مسابقة وطنية جديدة وهم من إكتتوا بنار البطالة ويريدون أن يتفيئوا ظلال الوظيفة العمومية الغير وارفة أصلا  بعد ما عانوه أيام التحصيل من نكد وتهميش بالرغم أنهم يمتهنون أشرف مهنة على الإطلاق ألا وهي مهنة التحصيل العلمي.
لكن من المخجل والمؤسف أيضا أن توازي تلك الحركة أخرى أكثر نشاطا أبطالها أباطرة من المفسدين قد نخر الفساد عظامهم وعمت بهم البلوى في البر والبحر، همهم الوحيد هو أن يحصلوا على ما يملئوا به جيوبهم ولو كان ذلك عن طريق رشوة صريحة فقد علمتهم متطلبات المهنة أن الحياء ليس شعبة من شعبها بل يتناقض بشكل صريح مع متطلباتها.
وللعلم فهذه الحركة ناتجة عن عمل أمتهنه العديد من أبناء البلد وتهدف إلى إيصال كل من لم يستفد استفادة حقيقية أيام التحصيل العلمي – إن سبق له أصلا أن مر بتلك المرحلة – وأصبحت بذلك قدراته العلمية لا تأهله لشغل وظيفة عمومية، إلى مبتغاه والمتمثل في إيصاله - وهو من أتصف بكل الصفات السالفة - إلى الوظيفة التي يود شغلها فقط مقابل مبلغ زهيد يعرف طريقه إلى جيوب هؤلاء السفلة الذين هم خلية سرطانية في جسم وطننا العزيز، ضف إلى ذلك الإبعاد الغريب والمقصود الذي يمارسونه ضد من أسعفتهم أيام التحصيل في نيل حقهم في التوظيف وشغل المناصب السيادية بل في حقهم في قيادة البلد وتسيير موارده وترشيدها حتى تضع بذلك قطار النهوض به على سكة آمنة.
هذه الحركة المنظمة عند الإعلان عن المسابقات الوطنية حيث يبدؤون بعملهم الروتيني والذي يبدأ عادة بإيداع ملفات من تعاقدوا معهم من أجل تجاوز المسابقة بطرق غير شرعية من خلال إدخالها من الأبواب الخلفية أحيانا أو إيداعها خارج الدوام الرسمي في أحايين أخرى ولا تنتهي مهمتهم على هذا الحد بل عليهم أن ينتظروهم عند أبواب مراكز الامتحان حين إجراء المسابقة ليتسلموا من عندهم أوراق "التسويد" التي أوصاهم  في السابق أن يحتفظوا له بها والمراد هنا هو تسليمها لأحد المصححين ممن يتعاملون معه في هذا المضمار وهم كثر هذا إذا لم يكن هو من بينهم، عله أن يجد أوراقا مطابقة للأوراق "التسويد" التي عنده ويكون التطابق فيما تحمله الأوراق من معلومات وكذا نوعية الخط بل في لون الحبر حتى- لأن من احترافهم أيضا أن يعطوا للمتعاقدين معهم أقلاما ذات حبر أسود جاف ليتميزوا عن باقي زملائهم – فيعطي – أعني المصحح -  لهذه الأوراق المميزة درجات تضمن لأصاحبها النجاح بل والتفوق غالبا، ضف إلى ذلك متابعة أخرى عند المقابلات الشخصية (التقويم الشخصي)التي يخضع لها المترشحون، وعند ظهور أسماء هؤلاء ضمن لائحة الناجحين في المسابقة، يتسلم هؤلاء السماسرة رشوتهم وهي مبلغ سبق أن اتفقوا عليها أصلا مع أولياء أمور المترشحين ليتقاسم السماسرة فيما بعد وبحفاوة عالية تلك الغنائم التي أشبه ما تكون بغنائم ممتهني السرقة.      
ورغم ما لهذه الظاهرة من خطر على مستقبل الوطن وما تتسبب فيه من سلبيات ليس أقلها شأنا تشجيع ظاهرة هجرة الكفاءات وحرمان الوطن خدماتها بعد أن وجدت أن حقها يستلب منها وبأبشع الطرق وعلى مرأى ومسمع منها دون أن تستطيع فعل أي شيء لاسترداد حقهم المسلوب بل قد تكون أسوء حظا حينما تحاول ذلك، وما تحدثه من هواجس نفسية داخل الأوساط التي اختارت طريق التعليم واكتساب الخبرة والكفاءة سبيلا لوصولها إلى حقها في التوظيف وإشراكها في عملية البناء والنهوض بالوطن في كل ميادينه الحياتية، إلا أنها مازالت مستشرية بشكل ملفت بل أخذت أشكالا أكثر تطورا من ذي قبل.
ومن هنا أنتهز هذه الفرصة لأدعوا كل ممتهني الرشوة إلى التوبة قبل فوات الأوان، فيكفي ما سلبوا من حقوق وآن الأوان لإعطاء الفرصة لأصحاب الكفاءات حتى يلعبوا دورهم المنوط بهم.
كما أهيب بالرئيس محمد ولد عبد العزيز أن يضع حدا لهذه الممارسات الخطيرة في إطار التأسيس لبناء موريتانيا الجديدة وأن تشمل هؤلاء سياسة المحاسبة التي تطال الآن عدة قطاعات في الدولة، فهم الأولى بالمحاسبة والأجدر بالعقوبة.   

متى يتوقف نزيف الرشوة ؟

من الطبيعي أن يدخل حاملو الشهادات في حركة متسارعة مع كل إعلان عن مسابقة وطنية جديدة وهم من اكتووا بنار البطالة ويريدون أن يتفيئوا ظلال الوظيفة العمومية الغير وارفة أصلا  بعد ما عانوه أيام التحصيل من نكد وتهميش بالرغم أنهم يمتهنون أشرف مهنة على الإطلاق ألا وهي مهنة التحصيل العلمي
لكن من المخجل والمؤسف أيضا أن توازي تلك الحركة أخرى أكثر نشاطا أبطالها أباطرة من المفسدين قد نخر الفساد عظامهم وعمت بهم البلوى في البر والبحر، همهم الوحيد هو أن يحصلوا على ما يملئوا به جيوبهم ولو كان ذلك عن طريق رشوة صريحة فقد علمتهم متطلبات المهنة أن الحياء ليس شعبة من شعبها بل يتناقض بشكل صريح مع متطلباتها.
وللعلم فهذه الحركة ناتجة عن عمل أمتهنه العديد من أبناء البلد وتهدف إلى إيصال كل من لم يستفد استفادة حقيقية أيام التحصيل العلمي – إن سبق له أصلا أن مر بتلك المرحلة – وأصبحت بذلك قدراته العلمية لا تأهله لشغل وظيفة عمومية، إلى مبتغاه والمتمثل في إيصاله - وهو من أتصف بكل الصفات السالفة - إلى الوظيفة التي يود شغلها فقط مقابل مبلغ زهيد يعرف طريقه إلى جيوب هؤلاء السفلة الذين هم خلية سرطانية في جسم وطننا العزيز، ضف إلى ذلك الإبعاد الغريب والمقصود الذي يمارسونه ضد من أسعفتهم أيام التحصيل في نيل حقهم في التوظيف وشغل المناصب السيادية بل في حقهم في قيادة البلد وتسيير موارده وترشيدها حتى تضع بذلك قطار النهوض به على سكة آمنة.
هذه الحركة المنظمة عند الإعلان عن المسابقات الوطنية حيث يبدؤون بعملهم الروتيني والذي يبدأ عادة بإيداع ملفات من تعاقدوا معهم من أجل تجاوز المسابقة بطرق غير شرعية من خلال إدخالها من الأبواب الخلفية أحيانا أو إيداعها خارج الدوام الرسمي في أحايين أخرى ولا تنتهي مهمتهم على هذا الحد بل عليهم أن ينتظروهم عند أبواب مراكز الامتحان حين إجراء المسابقة ليتسلموا من عندهم أوراق "التسويد" التي أوصاهم  في السابق أن يحتفظوا له بها والمراد هنا هو تسليمها لأحد المصححين ممن يتعاملون معه في هذا المضمار وهم كثر هذا إذا لم يكن هو من بينهم، عله أن يجد أوراقا مطابقة للأوراق "التسويد" التي عنده ويكون التطابق فيما تحمله الأوراق من معلومات وكذا نوعية الخط بل في لون الحبر حتى- لأن من احترافهم أيضا أن يعطوا للمتعاقدين معهم أقلاما ذات حبر أسود جاف ليتميزوا عن باقي زملائهم – فيعطي – أعني المصحح -  لهذه الأوراق المميزة درجات تضمن لأصاحبها النجاح بل والتفوق غالبا، ضف إلى ذلك متابعة أخرى عند المقابلات الشخصية (التقويم الشخصي)التي يخضع لها المترشحون، وعند ظهور أسماء هؤلاء ضمن لائحة الناجحين في المسابقة، يتسلم هؤلاء السماسرة رشوتهم وهي مبلغ سبق أن اتفقوا عليها أصلا مع أولياء أمور المترشحين ليتقاسم السماسرة فيما بعد وبحفاوة عالية تلك الغنائم التي أشبه ما تكون بغنائم ممتهني السرقة.      
ورغم ما لهذه الظاهرة من خطر على مستقبل الوطن وما تتسبب فيه من سلبيات ليس أقلها شأنا تشجيع ظاهرة هجرة الكفاءات وحرمان الوطن خدماتها بعد أن وجدت أن حقها يستلب منها وبأبشع الطرق وعلى مرأى ومسمع منها دون أن تستطيع فعل أي شيء لاسترداد حقهم المسلوب بل قد تكون أسوء حظا حينما تحاول ذلك، وما تحدثه من هواجس نفسية داخل الأوساط التي اختارت طريق التعليم واكتساب الخبرة والكفاءة سبيلا لوصولها إلى حقها في التوظيف وإشراكها في عملية البناء والنهوض بالوطن في كل ميادينه الحياتية، إلا أنها مازالت مستشرية بشكل ملفت بل أخذت أشكالا أكثر تطورا من ذي قبل.
ومن هنا أنتهز هذه الفرصة لأدعوا كل ممتهني الرشوة إلى التوبة قبل فوات الأوان، فيكفي ما سلبوا من حقوق وآن الأوان لإعطاء الفرصة لأصحاب الكفاءات حتى يلعبوا دورهم المنوط بهم.

الأحد، 18 أكتوبر 2009

ينالها السفاحون منكم...!!!

استطاع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحنكته الزائدة ودهائه العجيب أن يودع ملفه كمرشح لجائزة نوبل – الجائزة العالمية الكبرى – بل أن ينالها بـ"استحقاق" كما أعلنت عن ذلك اللجنة النرويجية المكلفة، لتتناولها وسائل الإعلام العالمية على نطاق أوسع وينقسم بني البشر ما بين مؤيد لقرار اللجنة ورافض له وطبعا لكل حججه ومسوغاتها التي يستميت في الدفاع عنها وله الحق في ذلك.

وفي نظري أن فوز أوباما بجائزة نوبل للسلام  يستحق الوقوف عنده وخاصة إذا نظرنا إلى كونه لم يكمل حتى الآن سوى تسعة أشهر على توليه رئاسة دولة مثل أمريكا ذات التاريخ الطويل في وأد معاهدات السلام ونقض المواثيق الدولية وبشكل سافر أو مقنع أحيانا والمعادية كذلك للإسلام والمسلمين والملطخة بدمائهم في فلسطين وأفغانستان والعراق والصومال .. إلى آخر القائمة الطويلة.

يمكن القول أن أوبوما نجح إعلاميا في إقناع العالم بأنه الرجل الأسمر "المنتظر" المناهض لسياسات سلفه جورج دابليو بوش والقادر على إزالة الصورة القاتمة التي ظهرت بها الولايات المتحدة الأمريكية منذ فترة ليست بالقصيرة والتي تأذى منها حتى الشعب الأمريكي نفسه بل القادر على قيادة العالم بأسره في جو من التقارب والتلاحم والاحترام المتبادل لم يسبق له مثيل من خلال خطبه النيرة والتي دفعت العالم بشكل عام والإسلامي منه بشكل خاص إلى مزيد من التفاؤل بغد مشرق لعالم مزقته سياسات التهور وتحكيم الأهواء، لكن يمكن أيضا القول  بل الحكم على ما سلف من سياسات الرجل الأسمر بأنها لا تعدوا كونها خطابات رنانة تخلوا من أي مدلول عملي يعززها سواء ما تعلق منها بالعلاقة مع الأمة المسلمة بشكل عام وموضوع حوار الحضارات أو التي تتعلق بالمشروع الإحتلالي الصهيوأمريكي بشكل خاص الذي مازال قائما في العديد من الدول العربية والإسلامية و على رأسهم دولة فلسطين لب الصراع بين الإسلام والغرب، ضف إلى ذلك الوضع الإنساني المزري والذي يتفاقم يوما بعد يوم بفعل الآلة الصهيونية الوقحة وجنوده "المغاوير" بمباركة واضحة منه أحيانا أو بصمت ذريع ومخجل في أحايين أجرى، وحسبكم أن تتذكروا صمته المشين آنذاك على الجرائم الصهيونية في الحرب على غزة وما أعقبها من غارات ومجازر ومن سياسات التجويع وانتهاك للمقدسات وأخيرا تكميم صوت الإنسانية الذي كاد أن يشهد العالم على إدانة الكيان الصهيوني الغاصب، لولا أن تدارك الأمر، بل والنظر في واقع سجن أغوانتانامو المثير للجدل بعد تصريح لأوباما أعاد أمل البسمة من جديد إلى ملايين الأمهات المكلومات والتائقات لمعرفة مصير فلذات أكبادهن، ضف إلى ذلك ما هو قائم الآن في دول كأفغانستان والعراق والصومال و... من احتلال وتدمير تخريب وما يمكن أن يقوم غدا في السودان وغيرها من دول الإسلام، ليتسنى لك الحكم بشكل موضوعي على سياسات اوبوما - وإن كان حكما سابقا شيئا ما لأوانه – بل ليتسنى لك أيضا القول بأن موضوع نيل أوبوما لجائزة نوبل للسلام لا يعدو كونه مباركة من اللجنة الأوروبية -المشكوك في نزاهتها أصلا - للسيد الرئيس أوباما على جهوده المضنية في وأد "عمليات السلام" في مهدها كما هو حال سلفه بوش بل وتقوقعه في نفس الخندق الذي ختم فيه زميله مسيرته السياسية المضمخة بالدماء بعد أن رشقه البطل المغوار والصحفي منتظر الزيدي بحذائه المبارك، كما أنه يعيد إلى الأذهان أن جائزة نوبل للسلام لا ينالها إلا السفاحون منكم، وأنها جائزة للسلام كما تفسره قواميس وأدبيات آمريكا لا مفهوم السلام كما عرفته قواميس السياسية واللغة.

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

شكرا شيخنا الشنقيطي

تابعت بإهتمام بالغ جل المحاضرات التي ألقاها الباحث والمفكر الإسلامي محمد  ولد المختار الشنقيطي وقد أدى بي إعجابي به من حيث اتساع علمه ورجاحة فكره وحسن أسلوبه في الإلقاء وجرأته في الطرح ووسطيته التي بدت ظاهرة للعيان في كل جزئية من أحاديثه الشيقة والعذبة.
كل هذا وغيره كثير هو ما أدى بي إلى كتابة هذه الكلمات - في وقت كنت فيه أكثر عزوفا عن الكتابة لانشغالات خاصة – اعترافا للمحاضر بجميل أسداه لي ولكل مفكري وباحثي ومثقفي وكتاب موريتانيا بل ولكل طلابها و"صانعي الكلام" فيها ومتتبعيهم، ومباركة كذلك لجهود مباركة قام بها المحاضر منذ أن رجع لوطنه في إجازة وجيزة له وحتى غادره متوجها إلى قطر، جهود سيكون لها – بلا شك – أثرها الإيجابي البالغ في نفوس إخوته الموريتانيين من ذوي الفئات والتخصصات السالفة، وستظل مصدر رقي "للتدين في عصر الثقافة الجماهيرية" ومقاربة فكرية لإشكالية "الدولة الإسلامية وموقف الإسلام منها" ولبنة قوية في بناء "العلاقة مع الغرب" وكذلك رؤية موضوعية "لأدب الخلاف بين الجمعيات والجماعات الإسلامية"
 ..بل وأكثر من ذلك ستظل أفكار الشنقيطي الجريئة والنيرة في مجملها مصابيح تنير درب السائرين في طريق الإصلاح في شتى ميادين الحياة وستزيل عديد الغبش الذي كان يعترض طريق هؤلاء المصلحين البررة – أرجوا الله أن لا يحرمنا من نعمة وجودهم بيننا وفي أمتنا بعد أن من علينا بهم – بل وأكثر من ذلك ستمثل مراجعة حقيقية في موريتانيا بل والعالم أجمع لفكر وسطي زان الأمة منذ فترة طويلة ومازال يزينها وتمتاز به عن باقي الأمم، كما أنه أيقظها من نوم عميق بل من موتة سريرية انتابتها لتستعيد يقظتها من جديد وتسير في طريق أراده الله لها
و به اكتسبت الخيرية التي وصفها الله بها في كتابه العزيز: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ).
ومن خلال العروض القيمة التي قدمها الشنقيطي طيلة فترة إقامته بيننا لمست فيه صفات قد لا أكون أول من التمسها فيه وطبعا لن أكون منفردا بالتماسها وهي صفات طبيعية في ورثة الأنبياء من علماء ومصلحين وقادة عظماء ومن تلك الصفات وأعظمها:
-        إرادة إصلاحية جادة يكتنفها العطف على الناس وحب الخير لهم  ويظهر ذلك من خلال تعليقه على تعليق لمحمد إقبال أنه نقل عن  شاعر أفغاني صوفي قوله إنه لوكان مكان محمد صلى الله عليه وسلم حينما وصل السماء السابعة في رحلة الإسراء والمعراج فلن يعود إلى الأرض كما عاد محمد صلى الله عليه وسلم إليها فعلق محمد إقبال بأن الأنبياء يعتبرون "الوصول" بداية الطريق وعلق الشنقيطي بأن "أهل الأرض محتاجون إلى رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى الأرض"، وتستند – أعني الإرادة الإصلاحية - على عدم التشدد ونبذ الإسراع في الأحكام وفي ذلك يقول إذا أردت أن تحكم على جماعة وطائفة فلا تكتفي فقط بقراءة ما كتبت تلك الجماعة فليس كل ما كتبت تؤمن به بل عليك أن تسألهم وتحاورهم حتى يتسنى لك الحكم عليهم.
-        حب الإطلاع والحرص على الاستزادة من العلم ولمست ذلك  من استشهاداته الكثيرة التي لا تخلوا منها أحاديثه العذبة معتمدا أسلوب ذكر المرجع ومؤلفه وسرد الاستشهاد بعبارات صاحبه لا بأسلوب "شنقيطي" خاص، وتصاحب هاتين الميزتين علمية في الفتوى وذلك حين يقول: أنه عندما يسأل عن حكم الغناء فيقول "المشهور حرمته والراجح إباحته" ومن علميته في الفتوى كذلك قوله أن الفتوى ليست عملية ديمقراطية تعتمد الكم بل هي قضية فحص تعتمد الخبرة والتمرس. ومن ذلك أيضا حرصه على التأصيل في محله وعند الاقتضاء.
-        جرأة في الطرح تزينها الوسطية في المنهج، الأولى تكمن في  قوله أن "الكافر يمكن أن يكون رئيسا على دولة مسلمة" والثانية في إكثاره من ذكر بشارة النبي صلى الله بتعدد أبواب الجنة "للجنة أبواب ثمانية...."
وصفات أخرى كالتواضع والأخلاق الحسنة وعذوبة المنطق الذي لا يخلوا من الطرافة أحيانا والتي يغلب عليها الأسلوب العلمي الرصين الذي يتميز به. فما لمسته في الشنقيطي من صفات كثير وكثير تضيق الصفحات عن ذكر قليله بالأحرى كثيره.
وهذا قليل أردت كتابته عن شيخي المفكر الكبير والباحث المتميز والتجديدي الثائر – وليعذرني في هذه التعابير -  المتمكن في فقه التجديد محمد المختار الشنقيطي وهو طبعا لا يفي بالغرض لكن عدم تمكني في الكتابة وقلة بضاعتي وضيق الصفحات كل هذا أرغمني على الاكتفاء بما ذكرت فإلى أن تعود إلى وطنك من رحلة البحث مرة أخرى في إجازة أخرى  لك مني ألف تحية وشكر.

الأربعاء، 3 يونيو 2009

الرابح الأكبر

بعد أن مل ما يسمى "بالأزمة السياسية" أو الحالة اللا دستورية التي تعيشها البلاد منذ السادس من أغسطس الماضي عاش الرأي العام الموريتاني حالة ترقب – كما هو الحال مع كل إطلالة وساطة من هذا النوع- لحدوث انفراج ينهي الأزمة السياسية الموريتانية الحالية على إثر اتفاق بين الفرقاء السياسيين يضمن إعادة تصحيح المسار السياسي والعودة بالبلاد إلى النظام الديمقراطي الذي صنعه اعلي ولد محمد فال ربما كفارة من العسكر لعديد الانقلابات التي عانت منها الدولة الموريتانية الحديثة وأنهكت مقدراتها الشيء الذي لم يرق لولد عبد العزيز فأراد أن لا يفصل موريتانيا عن تاريخها الانقلابي.
وكان أن رافق هذا الترقب من طرف الرأي العام كل صولات وجولات الوسيط السنغالي عله أن يكون أقدر من غيره على النجاح في إدارة الأزمة وإقناع الأطراف المتصارعة بضرورة تقديم بعض التنازلات التي وإن كانت مؤلمة إلا أنها تبقى هزيلة إذا ما قيست بالمصلحة العليا للبلد وما قد تعود به من نتائج إيجابية تدفع بحالة البلد إلى الأمن والاستقرار واستعادة مكانته الدولية والإقليمية وبالإضافة إلى حالة الترقب هذه من طرف البعض إن لم يكن الكل اكتفى البعض الآخر بوضع "الموازين القسط" لحساب الأرباح التي قد يجنيها هذا الطرف إزاء تقديمه لبعض التنازلات التي قدمها بشح الأنفس اعتبارا منه للمصلحة العليا للوطن والخسائر التي من مجرد الجلوس على طاولة الحوار في ظل وساطة كهذه معتبرا ذلك نقصا من هيبته أو اعترافا بالآخر أو ما قد يلحقه أيضا من خسائر إذا ما ضرب عرض الحائط بكل تصور للحل وإجهاض كل مبادرة في السياق ذاته واكتفاءه بالتعصب والدفاع عن آراء يعتبر نفسه كأنما صمم أصلا للدفاع عنها وإن كانت على حساب وطنه الذي ينظر إليه أصلا بعيون المواطن الحق ولا يقسم عليه قسم زهير – بل يقسم بالعكس- حيث يقول:
ولي وطن آليت أن لا أبيعه
ولا أري غيري له الدهر بانيا
ومن هنا أقول أنه مهما كانت الموازين ومهما كانت المادة الموزونة فإن الرابح الأكبر والوحيد هو من أنقذ موريتانيا من أزمتها الحالية مقدما مصلحة الوطن عن كل الاعتبارات الشخصية أو القبلية أو الفئوية أو الحزبية أو....
بينما يبقى الخاسر الأكبر والوحيد هو من عمل على تعميق الأزمة والسير بالبلاد نحو الهاوية بهدف المحافظة على بعض المصالح الهزيلة.