بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 فبراير 2010

رد هادئ على مقال مسعور..

أخي الكريم تابعت باهتمام بالغ مقالك الذي هو تحت عنوان "رد هادئ على نقابة مسعورة" ولأنه تضمن العديد من المعلومات المغلوطة المراد منها تضليل الرأي العام الطلابي، في وقت بات فيه تضليل الطلاب أمرا ليس بالسهل لما وصلته هذه الشريحة من وعي بما يجري في الساحة الطلابية بل الساحة الوطنية أيضا، إلا انه كان لا بد من أن أكتب هذا المقال ليس ردا هادئا على مقال مسعور كما عنونته بدر ما هو توجيه وتصحيح لما ورد من معلومات مغلوطة واتهامات هي أبعد ما تكون من الحقيقة.
لذا سيأخذ مقالي هذا صبغة توجيهية هادئة، هذا إذا لم اضطر إلى تغيير أسلوبي في الكتابة والتعبير في المرات القادمة - إذا لم تتحروا في المستقبل الدقة في معلوماتكم وتحجموا عن اتهاماتكم - وهو ما لا أرجوه.  
أخي الكريم إنما وعاه الإتحاد الوطني منذ أزيد من عشر سنوات ليس الرسائل المرجفة التي يرسلها هذا أو ذاك، وإنما هو الهم الطلابي وضرورة السعي الجاد لحلحلته وحلحلته فقط، وهو ما تؤكده معطيات سيرة ومسيرة الإتحاد الوطني، ولك أخي الكريم في منجزاته في خمسة أشهر مضت منذ افتتاح العام الدراسي الجديد سلوة، حيث استطاع الإتحاد، في هذه الفترة الوجيزة أن يحقق ما لم يحققه غيره، ففي وقت كان فيه الآخر يلملم أوراقه – إن كانت له أوراق أصلا - خارج الجامعة، ويحاول أن يرمم الخلافات بين مناضليه والتي تشب بين الحين والآخر وتخرج للعلن بفعل حرب البيانات التي يتسابق إليها مناضليكم المستقلين عند نشوب أية أزمة داخلية في نقابتكم الورقية كان الإتحاد يتقدم رويدا رويدا في تحقيق بنود عريضته المطلبية، يحقق المطلب تلو الآخر بدءا من تسجيل 800 طالب في السنة الأولى من كلية العلوم القانونية والاقتصادية وتعميم نظام L.M.D على المعيدين في السنة الأولى من نفس السنة، وحل مشكل منح الطلاب المتجاوزين للسنة الثانية من نفس النظام، والحصول على مصورات مخفضة للطلاب هي الآن عند رئاسة الجامعة، والحصول على تعهد بافتتاح شعبة للإعلام بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، وانتزاع الموافقة على توسعة المطعم الجامعي الذي بدأ بالفعل العمل فيه...إلخ ،ولك أيضا أن تسال نفسك أيضا من انتزع 26 باصا مجانيا لنقل الطلاب؟ ومن أستعاد وضعية الامتحان في كلية الآداب والعلوم الإنسانية؟ ومن ناضل من أجل أن تتراجع الإدارة عن نظام الفصل في كلية العلوم القانونية والاقتصادية؟ وحتى لا أترك لك عناء الإجابة فأقول لك بإيجاز شديد.. إنه بحق من كشف بنود اتفاق النقل أمام الطلاب حتى لا يبقى شاك، بل للإحقاق الحق ودفع الباطل، إنه من وقف بشجاعة أمام الطلاب ليقول بثقة أنا أفعلت وفعلت ولا فخر، نعم.. إنه بحق الإتحاد الوطني لطلبة موريتانيا.

أخي الكريم، ما علمته أو على الأصح تأكدت منه قيادة الإتحاد الوطني - منذ الانتخابات الأخيرة التي فاز فيها الإتحاد بنسب تفوق 60 في المائة في جميع كليات الجامعة – أنها بالفعل تقود نقابة هي من أطمأنت لها قلوب الطلاب واختاروها ممثلة لهم في جامعة انواكشوط، بل وعت أيضا أن الوعي النقابي والتجربة العميقة والرائدة للنقابة التي تديرها، مقابل طبعا نوم الآخرين وضعف تجربتهم النقابية المتخلخلة، هي التي أفرزت تلك النتائج التي أغاظت يومها مناضليكم – موتوا بغيظكم – ورسمت لوحة خضراء جميلة هي تلك التي يظهر بها الإتحاد الوطني في الساحة وقت ما أراد و في كل مناسبات أفراحه وغضبه وهي التي باتت رسائلها يتسابق الإداريون لقراءتها والعمل بمقتضاها لأنهم علموا منذ فترة أن القلب النابض لطلاب جامعة أنواكشوط.

أخي الكريم إن الذي سعى الإتحاد لإبرازه للعلن - وله الحق في ذلك – من خلال مسيرته الاحتجاجية أيام إضراب الآخرين، ليس تعطيل الاحتجاجات أو الإضرابات – كما ذكرت – لأنها مجرد تشويش وفوضى وتكسير لمقاعد طلاب هم في أمس الحاجة إليها - وإنما هو سعي لإبراز منجزات الإتحاد التي حقق على الأرض الواقع من خلال نضاله المستميت والتي أخرها التحضيرات الجارية لإطلاق بطولته الرياضية السادسة، وليس ذلك فقط بل سعى أيضا الإتحاد - وله الحق في ذلك - أن يتصدى لمنع المصطادين في المياه العكرة من خلال اضطلاع الطلاب الجامعيين على مجريات الأمور كما تشهد عليها المواثيق الموقعة مع الوزارة المعنية هذا في وقت لم ينس فيه السيد الأمين العام للإتحاد أن يؤكد احترامه لخيارات الآخرين ومنهجهم في النضال.
أخي الكريم أنت تعرف جيدا من ضمن قاموسه النضالي مصطلحات من قبيل: ( نطالب الإدارة بمنحنا مزيدا من الوقت، حتى لا نغضب الإدارة، ليس في مصلحتنا الشخصية..إلخ)
أخي الكريم إسمحلي أن أقول لك أنك أخطأت التعبير فالذي يأبى الاعتراف بالآخر ليس الإتحاد الوطني وإنما هي جموع الطلاب الجامعيين الذين وعوا اللعبة منذ فترة واعترفوا بمن يمثلهم ويناضل من أجل تحقيق مطالبهم – دون مزايدة كما ذكرت - ولفظوا غير ذلك من النقابات الورقية كما هو تعبير احد الطلاب.
أخي الكريم لم عذرا.. فلم ينفرط العهد حتى الآن ولم ينقطع الوصل، وإنما هو عهد جديد من الطلاب الجامعيين - سيطول لعقود أطول - لـ"للإخوان الوطنيون"، وميعادنا يوم "الزرك"، حتى نميز الصادق من الكاذب.

أخي الكريم، بل المتتبع لما حدث – ولك أن تسميه أزمة لما لها من وقع على قلبك وقلوب زملائك – سيقف إجلالا وإكراما للإتحاد الوطني، ليقول له أنجزت ونرى في جعبتك المزيد.. فما بعد الحلول الجزئية إلا أخرى كلية، أما كون الإتحاد تولى يوم تقدم الآخرون فذلك كلام مفروغ منه إن صح التعبير لأن أصحاب التولي يوم الزحف يعرفهم الإتحاد، والطلاب، والإدارة، وحتى الوزارة، والوثائق شاهدة. 

أخي الكريم هون عليك فلا نحن من الذي يضجر من "الإسلاموية" ولا من "الإخوانية" ولا حتى من الاتهام بتبعيتنا لتواصل وتحالفاته السياسية، لأننا واثقون تماما بان من يسيس القضايا الطلابية بات معروفا في الساحة ولا أحد يجهله، وانصهاره في تلك البوتقة هي التي حرمته منذ عقد من الزمن من اعتلاء الهرم النقابي الجامعي وحالت دون تحقيق لأي إنجاز، بل علمته أن يبقى رهين تلك المكانة التي تليق به حقيقة حتى فرج لا أراه قريبا.
أما ذكرته أخي الكريم من ارتباك في المواقف وأزمة داخلية في الإتحاد الوطني فهي اتهامات باطلة تخلوا من أي أدلة مقنعة، وتؤكد أنك فعلا لم تحضر وقفات الإتحاد داخل جميع الكليات التي حضرتها كل قيادات الإتحاد جنبا إلى جنب مع مناضليه ومناضلاته، أو ربما ذلك المشهد هو الذي أزعجك وأدى بك إلى التقليل من شأنه من خلال سيل التهم التي تقدمت بها والتي تكذبها الوقائع والأحداث قبل الشواهد والقرائن.

أخي الكريم لن أدخل معك الخوض في من أصاب في خياره النضالي، لأن الساحة الجامعية الضيقة ووعي الطلاب المتزايد بما يحدث كفيل بأن يحكم في الموضوع حكما لا يقبل الاستئناف، ولن أناقش معك قضايا التمثيل ولا التأثير القبلي أو الجهوي، ولا فتاوى العلماء الذين ادعيت أنهم يفتون بمناصرة من يمثل خطهم الفكري ولا السياسي لأنها أمور لا تستحق مني أن أكتب فيها حرفا واحدا أحرى أن أدخل في سجال من أجلها، أما الأخيرة – أعني ما خصصت به العلماء- فلأنها ببساطة اتهامات واهية لشريحة هي قائدة الأمم ومربية الأجيال عبر العصور.

أخي الكريم هنا أن أقول لك من باب النصح لا غير، أن تعي ما تقول وأن لا تنس وأن تدفع بك المكابرة إلى أن تتناسى أن ما تتحدث عنه هو الإتحاد الوطني لطلبة موريتانيا، ممثل الطلاب في جامعة أنواكشوط بشاهدة الأعداء قبل الأصدقاء، إنه من سيطر على الجامعة لعقد من الزمن مر وستستمر السيطرة لعقود أخر، لأن منهجه النبيل في كسب قلوب الطلاب عبر تحقيق مطالبهم وحل مشاكلهم لم يتغير وإنما هي رسالة يتوارثها الأجيال ونشيد يتغنى به الوطنيون وكلمات يسيرون وفقها..
نحن شباب الإتحاد        نضالنا فيه السداد
نريد خيرا للبلاد          وللطلاب أجمعين
ولا نباع بالمزاد          نضالنا لا يستكين
وفوق ذلك كله أنصحك بأنك إذا أردت الرد على مقال طلابي أو نقابي فعليك أن تقف عند ما كتب من ترد عليه وتضعه في سياقه وحيزه لا أن تربطه بما يدور خارج الحيز الذي يدور فيه المقال موضع الرد، أو وخارج السياق الذي يتمحور حوله المقال نفسه، وأن تبتعد عن الاتهامات فهي – يا أخي- الكريم سلاح العاجزين وصنارة المصطادين في المياه العكرة.
وشكرا..  

الاثنين، 15 فبراير 2010

وداعا حرية الصحافة..!!

الزميل حنفي.. سجنوك لأنك آليت على نفسك أن لا تساوم في أرائك، سجنوك لما لمسوه فيك من استعداد لأن تدفع ثمن مواقفك، سجنوك لأنك قلم حق يصعب تكسيره أو النيل منه، سجنوك لأنك شخص يأبى الخنوع والركوع، سجنوك لأنك صحفي مستقل، متمرس، ومهني، صادق في أقوالك، سمحا في أفعالك، ثابت في مواقفك
نعم سجنوك عمدا وأطالوا سجنك قصدا من خلال ما يقارب سبعة  أشهر من الحبس التحكمي، أثبت من خلالها رجولتك الحقة، وشجاعتك الفريدة وشهامتك الفذة، باختصار أثبتت أن لا سبعة أشهر من الحبس التحكمى ولا البقاء في السجن لسنين أخريات يمكنها أن تغير شيئا من مواقفك الجديرة بالاحترام والتقدير، أو أن تجدي نفعا في عدم انحنائك أمام ترغيب السلطة أو ترهيبها، وإنما هو ثبات على الحق حتى يأتي الله بفرج قريب..
نعم سجنوك، وسجنوك وقد لا يستحون من إعادتك للسجن مرة أخرى حتى ولو كنت  قد أكملت مدة الحكم الظالم الذي صدر في حقك والذي جاء ليؤكد جور ما سبقه من أحكام.
نعم سجنوك وسجنوك.. ولا أدري فقد يكونون في صدد التخطيط والتلفيق لسجن آخرين من زملائك الصحفيين والكتاب وأصحاب الرأي وغيرهم، فهم باختصار سجنوك ليرسلوا رسالة من خلالك مفادها "أن لا مكان في هذا الوطن من الآن لأصحاب الأقلام الحرة والمواقف المناهضة والرأي المخالف.
نعم، قد تكون رسالتهم وصلت.. لكن لا أنا الطليق في بلدي حتى الآن، ولا أنت الحر في سجنك رغم انف سجانيك، ولا العديد من أمثالنا من الذين لم يتباروا يوما في فهم رسائل السلطة والعمل بمقتضاها، سنستسلم لهذا الواقع المخجل أو نرضى بان نظل أسرى لهذا النوع من الرسائل القذرة، بل سنظل ننافح عن حقنا في أن نتكلم بحرية، في أن نكتب بجرأة، في أن نتخذ موقفا نراه مناسبا، ورأيا نراه صوابا وغيره خطأ.
نعم، سجنوك من خلال فبركة - من جديد - داخل محكمة تحكم وتستأنف لترضي السلطان، لأنها ببساطة لم توفق أو لم يحالفها الحظ في أن يوافق حكمها السابق – على الأقل - ما يفكر به السلطان أو يتمناه أو يريده.. بالتالي جاء الحكم عليك - بعد ألف تلفيق وتلفيق – مضاعفا، أي بسنتين نافذتين، لكن لا عليك، فمشكلتي وإياك وغيرنا كثير أننا ننتمي لوطن "عزيز" ولدولة "عزيزة"، باتت في الآونة الأخيرة تتجه نحو "العسكرة" - إن صح التعبير- والدكتاتورية المكشوفة، وهو ما يثبته إنشاء ثانوية عسكرية – إن لم تتحول في المستقبل القريب إلى ثانويات – لا لبث العلم في قلوب رجال هذا الوطن ولا لتربية نشئه على الدفاع عن الوطن، لا.. وإنما لعسكرة الدولة الوليدة - وعسكرتها فقط - وإجلاء الصورة المدنية التي تظهر بها - على استحياء - منذ بداية نشأتها، هذا إضافة إلى ما باتت تطالعنا به القيادة من قرارات وتصريحات تشتم منها رائحة الأحادية، (خطاب روصو إبان تدشين معهد العلوم التكنولوجية) والانتقائية، (ملف رجال الأعمال الموريتانين) والانتقام (سجن الزميل حنفي)، وهي قرارات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها تؤشر بشكل واضح المعالم إلى تأكيد مبدأ "عسكرة الدولة"، وتمهد لقيام نظام دكتاتوري يجعل من قمع الصحافة - على الأقل - وتكميم بل وتكسير وسائلها أسلوبا جديدا في إدارة الحكم.
فنعم، سجنوك ليقولوها بصراحة لا شيء تغير في القضاء الموريتاني حتى الآن، فقد ظل وسيظل يرزح تحت وطأة اختلالات تستنسخ نفسها يوما بعد يوم، وقد ظل وسيظل أداة جائرة مسلطة على رقاب المواطنين..
ونعم سجنوك ليقولوها بصراحة، وداعا لحرية التعبير، وداعا لحرية الرأي، ودعا لحرية الصحافة وداعا.. ووداعا.. ووداعا.