الزميل حنفي.. سجنوك لأنك آليت على نفسك أن لا تساوم في أرائك، سجنوك لما لمسوه فيك من استعداد لأن تدفع ثمن مواقفك، سجنوك لأنك قلم حق يصعب تكسيره أو النيل منه، سجنوك لأنك شخص يأبى الخنوع والركوع، سجنوك لأنك صحفي مستقل، متمرس، ومهني، صادق في أقوالك، سمحا في أفعالك، ثابت في مواقفك
نعم سجنوك عمدا وأطالوا سجنك قصدا من خلال ما يقارب سبعة أشهر من الحبس التحكمي، أثبت من خلالها رجولتك الحقة، وشجاعتك الفريدة وشهامتك الفذة، باختصار أثبتت أن لا سبعة أشهر من الحبس التحكمى ولا البقاء في السجن لسنين أخريات يمكنها أن تغير شيئا من مواقفك الجديرة بالاحترام والتقدير، أو أن تجدي نفعا في عدم انحنائك أمام ترغيب السلطة أو ترهيبها، وإنما هو ثبات على الحق حتى يأتي الله بفرج قريب..
نعم سجنوك، وسجنوك وقد لا يستحون من إعادتك للسجن مرة أخرى حتى ولو كنت قد أكملت مدة الحكم الظالم الذي صدر في حقك والذي جاء ليؤكد جور ما سبقه من أحكام.
نعم سجنوك وسجنوك.. ولا أدري فقد يكونون في صدد التخطيط والتلفيق لسجن آخرين من زملائك الصحفيين والكتاب وأصحاب الرأي وغيرهم، فهم باختصار سجنوك ليرسلوا رسالة من خلالك مفادها "أن لا مكان في هذا الوطن من الآن لأصحاب الأقلام الحرة والمواقف المناهضة والرأي المخالف.
نعم، قد تكون رسالتهم وصلت.. لكن لا أنا الطليق في بلدي حتى الآن، ولا أنت الحر في سجنك رغم انف سجانيك، ولا العديد من أمثالنا من الذين لم يتباروا يوما في فهم رسائل السلطة والعمل بمقتضاها، سنستسلم لهذا الواقع المخجل أو نرضى بان نظل أسرى لهذا النوع من الرسائل القذرة، بل سنظل ننافح عن حقنا في أن نتكلم بحرية، في أن نكتب بجرأة، في أن نتخذ موقفا نراه مناسبا، ورأيا نراه صوابا وغيره خطأ.
نعم، سجنوك من خلال فبركة - من جديد - داخل محكمة تحكم وتستأنف لترضي السلطان، لأنها ببساطة لم توفق أو لم يحالفها الحظ في أن يوافق حكمها السابق – على الأقل - ما يفكر به السلطان أو يتمناه أو يريده.. بالتالي جاء الحكم عليك - بعد ألف تلفيق وتلفيق – مضاعفا، أي بسنتين نافذتين، لكن لا عليك، فمشكلتي وإياك وغيرنا كثير أننا ننتمي لوطن "عزيز" ولدولة "عزيزة"، باتت في الآونة الأخيرة تتجه نحو "العسكرة" - إن صح التعبير- والدكتاتورية المكشوفة، وهو ما يثبته إنشاء ثانوية عسكرية – إن لم تتحول في المستقبل القريب إلى ثانويات – لا لبث العلم في قلوب رجال هذا الوطن ولا لتربية نشئه على الدفاع عن الوطن، لا.. وإنما لعسكرة الدولة الوليدة - وعسكرتها فقط - وإجلاء الصورة المدنية التي تظهر بها - على استحياء - منذ بداية نشأتها، هذا إضافة إلى ما باتت تطالعنا به القيادة من قرارات وتصريحات تشتم منها رائحة الأحادية، (خطاب روصو إبان تدشين معهد العلوم التكنولوجية) والانتقائية، (ملف رجال الأعمال الموريتانين) والانتقام (سجن الزميل حنفي)، وهي قرارات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها تؤشر بشكل واضح المعالم إلى تأكيد مبدأ "عسكرة الدولة"، وتمهد لقيام نظام دكتاتوري يجعل من قمع الصحافة - على الأقل - وتكميم بل وتكسير وسائلها أسلوبا جديدا في إدارة الحكم.
فنعم، سجنوك ليقولوها بصراحة لا شيء تغير في القضاء الموريتاني حتى الآن، فقد ظل وسيظل يرزح تحت وطأة اختلالات تستنسخ نفسها يوما بعد يوم، وقد ظل وسيظل أداة جائرة مسلطة على رقاب المواطنين..
ونعم سجنوك ليقولوها بصراحة، وداعا لحرية التعبير، وداعا لحرية الرأي، ودعا لحرية الصحافة وداعا.. ووداعا.. ووداعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق