بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

متى يتوقف نزيف الرشوة؟

من الطبيعي أن يدخل حاملو الشهادات في حركة متسارعة مع كل إعلان عن مسابقة وطنية جديدة وهم من إكتتوا بنار البطالة ويريدون أن يتفيئوا ظلال الوظيفة العمومية الغير وارفة أصلا  بعد ما عانوه أيام التحصيل من نكد وتهميش بالرغم أنهم يمتهنون أشرف مهنة على الإطلاق ألا وهي مهنة التحصيل العلمي.
لكن من المخجل والمؤسف أيضا أن توازي تلك الحركة أخرى أكثر نشاطا أبطالها أباطرة من المفسدين قد نخر الفساد عظامهم وعمت بهم البلوى في البر والبحر، همهم الوحيد هو أن يحصلوا على ما يملئوا به جيوبهم ولو كان ذلك عن طريق رشوة صريحة فقد علمتهم متطلبات المهنة أن الحياء ليس شعبة من شعبها بل يتناقض بشكل صريح مع متطلباتها.
وللعلم فهذه الحركة ناتجة عن عمل أمتهنه العديد من أبناء البلد وتهدف إلى إيصال كل من لم يستفد استفادة حقيقية أيام التحصيل العلمي – إن سبق له أصلا أن مر بتلك المرحلة – وأصبحت بذلك قدراته العلمية لا تأهله لشغل وظيفة عمومية، إلى مبتغاه والمتمثل في إيصاله - وهو من أتصف بكل الصفات السالفة - إلى الوظيفة التي يود شغلها فقط مقابل مبلغ زهيد يعرف طريقه إلى جيوب هؤلاء السفلة الذين هم خلية سرطانية في جسم وطننا العزيز، ضف إلى ذلك الإبعاد الغريب والمقصود الذي يمارسونه ضد من أسعفتهم أيام التحصيل في نيل حقهم في التوظيف وشغل المناصب السيادية بل في حقهم في قيادة البلد وتسيير موارده وترشيدها حتى تضع بذلك قطار النهوض به على سكة آمنة.
هذه الحركة المنظمة عند الإعلان عن المسابقات الوطنية حيث يبدؤون بعملهم الروتيني والذي يبدأ عادة بإيداع ملفات من تعاقدوا معهم من أجل تجاوز المسابقة بطرق غير شرعية من خلال إدخالها من الأبواب الخلفية أحيانا أو إيداعها خارج الدوام الرسمي في أحايين أخرى ولا تنتهي مهمتهم على هذا الحد بل عليهم أن ينتظروهم عند أبواب مراكز الامتحان حين إجراء المسابقة ليتسلموا من عندهم أوراق "التسويد" التي أوصاهم  في السابق أن يحتفظوا له بها والمراد هنا هو تسليمها لأحد المصححين ممن يتعاملون معه في هذا المضمار وهم كثر هذا إذا لم يكن هو من بينهم، عله أن يجد أوراقا مطابقة للأوراق "التسويد" التي عنده ويكون التطابق فيما تحمله الأوراق من معلومات وكذا نوعية الخط بل في لون الحبر حتى- لأن من احترافهم أيضا أن يعطوا للمتعاقدين معهم أقلاما ذات حبر أسود جاف ليتميزوا عن باقي زملائهم – فيعطي – أعني المصحح -  لهذه الأوراق المميزة درجات تضمن لأصاحبها النجاح بل والتفوق غالبا، ضف إلى ذلك متابعة أخرى عند المقابلات الشخصية (التقويم الشخصي)التي يخضع لها المترشحون، وعند ظهور أسماء هؤلاء ضمن لائحة الناجحين في المسابقة، يتسلم هؤلاء السماسرة رشوتهم وهي مبلغ سبق أن اتفقوا عليها أصلا مع أولياء أمور المترشحين ليتقاسم السماسرة فيما بعد وبحفاوة عالية تلك الغنائم التي أشبه ما تكون بغنائم ممتهني السرقة.      
ورغم ما لهذه الظاهرة من خطر على مستقبل الوطن وما تتسبب فيه من سلبيات ليس أقلها شأنا تشجيع ظاهرة هجرة الكفاءات وحرمان الوطن خدماتها بعد أن وجدت أن حقها يستلب منها وبأبشع الطرق وعلى مرأى ومسمع منها دون أن تستطيع فعل أي شيء لاسترداد حقهم المسلوب بل قد تكون أسوء حظا حينما تحاول ذلك، وما تحدثه من هواجس نفسية داخل الأوساط التي اختارت طريق التعليم واكتساب الخبرة والكفاءة سبيلا لوصولها إلى حقها في التوظيف وإشراكها في عملية البناء والنهوض بالوطن في كل ميادينه الحياتية، إلا أنها مازالت مستشرية بشكل ملفت بل أخذت أشكالا أكثر تطورا من ذي قبل.
ومن هنا أنتهز هذه الفرصة لأدعوا كل ممتهني الرشوة إلى التوبة قبل فوات الأوان، فيكفي ما سلبوا من حقوق وآن الأوان لإعطاء الفرصة لأصحاب الكفاءات حتى يلعبوا دورهم المنوط بهم.
كما أهيب بالرئيس محمد ولد عبد العزيز أن يضع حدا لهذه الممارسات الخطيرة في إطار التأسيس لبناء موريتانيا الجديدة وأن تشمل هؤلاء سياسة المحاسبة التي تطال الآن عدة قطاعات في الدولة، فهم الأولى بالمحاسبة والأجدر بالعقوبة.   

متى يتوقف نزيف الرشوة ؟

من الطبيعي أن يدخل حاملو الشهادات في حركة متسارعة مع كل إعلان عن مسابقة وطنية جديدة وهم من اكتووا بنار البطالة ويريدون أن يتفيئوا ظلال الوظيفة العمومية الغير وارفة أصلا  بعد ما عانوه أيام التحصيل من نكد وتهميش بالرغم أنهم يمتهنون أشرف مهنة على الإطلاق ألا وهي مهنة التحصيل العلمي
لكن من المخجل والمؤسف أيضا أن توازي تلك الحركة أخرى أكثر نشاطا أبطالها أباطرة من المفسدين قد نخر الفساد عظامهم وعمت بهم البلوى في البر والبحر، همهم الوحيد هو أن يحصلوا على ما يملئوا به جيوبهم ولو كان ذلك عن طريق رشوة صريحة فقد علمتهم متطلبات المهنة أن الحياء ليس شعبة من شعبها بل يتناقض بشكل صريح مع متطلباتها.
وللعلم فهذه الحركة ناتجة عن عمل أمتهنه العديد من أبناء البلد وتهدف إلى إيصال كل من لم يستفد استفادة حقيقية أيام التحصيل العلمي – إن سبق له أصلا أن مر بتلك المرحلة – وأصبحت بذلك قدراته العلمية لا تأهله لشغل وظيفة عمومية، إلى مبتغاه والمتمثل في إيصاله - وهو من أتصف بكل الصفات السالفة - إلى الوظيفة التي يود شغلها فقط مقابل مبلغ زهيد يعرف طريقه إلى جيوب هؤلاء السفلة الذين هم خلية سرطانية في جسم وطننا العزيز، ضف إلى ذلك الإبعاد الغريب والمقصود الذي يمارسونه ضد من أسعفتهم أيام التحصيل في نيل حقهم في التوظيف وشغل المناصب السيادية بل في حقهم في قيادة البلد وتسيير موارده وترشيدها حتى تضع بذلك قطار النهوض به على سكة آمنة.
هذه الحركة المنظمة عند الإعلان عن المسابقات الوطنية حيث يبدؤون بعملهم الروتيني والذي يبدأ عادة بإيداع ملفات من تعاقدوا معهم من أجل تجاوز المسابقة بطرق غير شرعية من خلال إدخالها من الأبواب الخلفية أحيانا أو إيداعها خارج الدوام الرسمي في أحايين أخرى ولا تنتهي مهمتهم على هذا الحد بل عليهم أن ينتظروهم عند أبواب مراكز الامتحان حين إجراء المسابقة ليتسلموا من عندهم أوراق "التسويد" التي أوصاهم  في السابق أن يحتفظوا له بها والمراد هنا هو تسليمها لأحد المصححين ممن يتعاملون معه في هذا المضمار وهم كثر هذا إذا لم يكن هو من بينهم، عله أن يجد أوراقا مطابقة للأوراق "التسويد" التي عنده ويكون التطابق فيما تحمله الأوراق من معلومات وكذا نوعية الخط بل في لون الحبر حتى- لأن من احترافهم أيضا أن يعطوا للمتعاقدين معهم أقلاما ذات حبر أسود جاف ليتميزوا عن باقي زملائهم – فيعطي – أعني المصحح -  لهذه الأوراق المميزة درجات تضمن لأصاحبها النجاح بل والتفوق غالبا، ضف إلى ذلك متابعة أخرى عند المقابلات الشخصية (التقويم الشخصي)التي يخضع لها المترشحون، وعند ظهور أسماء هؤلاء ضمن لائحة الناجحين في المسابقة، يتسلم هؤلاء السماسرة رشوتهم وهي مبلغ سبق أن اتفقوا عليها أصلا مع أولياء أمور المترشحين ليتقاسم السماسرة فيما بعد وبحفاوة عالية تلك الغنائم التي أشبه ما تكون بغنائم ممتهني السرقة.      
ورغم ما لهذه الظاهرة من خطر على مستقبل الوطن وما تتسبب فيه من سلبيات ليس أقلها شأنا تشجيع ظاهرة هجرة الكفاءات وحرمان الوطن خدماتها بعد أن وجدت أن حقها يستلب منها وبأبشع الطرق وعلى مرأى ومسمع منها دون أن تستطيع فعل أي شيء لاسترداد حقهم المسلوب بل قد تكون أسوء حظا حينما تحاول ذلك، وما تحدثه من هواجس نفسية داخل الأوساط التي اختارت طريق التعليم واكتساب الخبرة والكفاءة سبيلا لوصولها إلى حقها في التوظيف وإشراكها في عملية البناء والنهوض بالوطن في كل ميادينه الحياتية، إلا أنها مازالت مستشرية بشكل ملفت بل أخذت أشكالا أكثر تطورا من ذي قبل.
ومن هنا أنتهز هذه الفرصة لأدعوا كل ممتهني الرشوة إلى التوبة قبل فوات الأوان، فيكفي ما سلبوا من حقوق وآن الأوان لإعطاء الفرصة لأصحاب الكفاءات حتى يلعبوا دورهم المنوط بهم.

الأحد، 18 أكتوبر 2009

ينالها السفاحون منكم...!!!

استطاع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحنكته الزائدة ودهائه العجيب أن يودع ملفه كمرشح لجائزة نوبل – الجائزة العالمية الكبرى – بل أن ينالها بـ"استحقاق" كما أعلنت عن ذلك اللجنة النرويجية المكلفة، لتتناولها وسائل الإعلام العالمية على نطاق أوسع وينقسم بني البشر ما بين مؤيد لقرار اللجنة ورافض له وطبعا لكل حججه ومسوغاتها التي يستميت في الدفاع عنها وله الحق في ذلك.

وفي نظري أن فوز أوباما بجائزة نوبل للسلام  يستحق الوقوف عنده وخاصة إذا نظرنا إلى كونه لم يكمل حتى الآن سوى تسعة أشهر على توليه رئاسة دولة مثل أمريكا ذات التاريخ الطويل في وأد معاهدات السلام ونقض المواثيق الدولية وبشكل سافر أو مقنع أحيانا والمعادية كذلك للإسلام والمسلمين والملطخة بدمائهم في فلسطين وأفغانستان والعراق والصومال .. إلى آخر القائمة الطويلة.

يمكن القول أن أوبوما نجح إعلاميا في إقناع العالم بأنه الرجل الأسمر "المنتظر" المناهض لسياسات سلفه جورج دابليو بوش والقادر على إزالة الصورة القاتمة التي ظهرت بها الولايات المتحدة الأمريكية منذ فترة ليست بالقصيرة والتي تأذى منها حتى الشعب الأمريكي نفسه بل القادر على قيادة العالم بأسره في جو من التقارب والتلاحم والاحترام المتبادل لم يسبق له مثيل من خلال خطبه النيرة والتي دفعت العالم بشكل عام والإسلامي منه بشكل خاص إلى مزيد من التفاؤل بغد مشرق لعالم مزقته سياسات التهور وتحكيم الأهواء، لكن يمكن أيضا القول  بل الحكم على ما سلف من سياسات الرجل الأسمر بأنها لا تعدوا كونها خطابات رنانة تخلوا من أي مدلول عملي يعززها سواء ما تعلق منها بالعلاقة مع الأمة المسلمة بشكل عام وموضوع حوار الحضارات أو التي تتعلق بالمشروع الإحتلالي الصهيوأمريكي بشكل خاص الذي مازال قائما في العديد من الدول العربية والإسلامية و على رأسهم دولة فلسطين لب الصراع بين الإسلام والغرب، ضف إلى ذلك الوضع الإنساني المزري والذي يتفاقم يوما بعد يوم بفعل الآلة الصهيونية الوقحة وجنوده "المغاوير" بمباركة واضحة منه أحيانا أو بصمت ذريع ومخجل في أحايين أجرى، وحسبكم أن تتذكروا صمته المشين آنذاك على الجرائم الصهيونية في الحرب على غزة وما أعقبها من غارات ومجازر ومن سياسات التجويع وانتهاك للمقدسات وأخيرا تكميم صوت الإنسانية الذي كاد أن يشهد العالم على إدانة الكيان الصهيوني الغاصب، لولا أن تدارك الأمر، بل والنظر في واقع سجن أغوانتانامو المثير للجدل بعد تصريح لأوباما أعاد أمل البسمة من جديد إلى ملايين الأمهات المكلومات والتائقات لمعرفة مصير فلذات أكبادهن، ضف إلى ذلك ما هو قائم الآن في دول كأفغانستان والعراق والصومال و... من احتلال وتدمير تخريب وما يمكن أن يقوم غدا في السودان وغيرها من دول الإسلام، ليتسنى لك الحكم بشكل موضوعي على سياسات اوبوما - وإن كان حكما سابقا شيئا ما لأوانه – بل ليتسنى لك أيضا القول بأن موضوع نيل أوبوما لجائزة نوبل للسلام لا يعدو كونه مباركة من اللجنة الأوروبية -المشكوك في نزاهتها أصلا - للسيد الرئيس أوباما على جهوده المضنية في وأد "عمليات السلام" في مهدها كما هو حال سلفه بوش بل وتقوقعه في نفس الخندق الذي ختم فيه زميله مسيرته السياسية المضمخة بالدماء بعد أن رشقه البطل المغوار والصحفي منتظر الزيدي بحذائه المبارك، كما أنه يعيد إلى الأذهان أن جائزة نوبل للسلام لا ينالها إلا السفاحون منكم، وأنها جائزة للسلام كما تفسره قواميس وأدبيات آمريكا لا مفهوم السلام كما عرفته قواميس السياسية واللغة.

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

شكرا شيخنا الشنقيطي

تابعت بإهتمام بالغ جل المحاضرات التي ألقاها الباحث والمفكر الإسلامي محمد  ولد المختار الشنقيطي وقد أدى بي إعجابي به من حيث اتساع علمه ورجاحة فكره وحسن أسلوبه في الإلقاء وجرأته في الطرح ووسطيته التي بدت ظاهرة للعيان في كل جزئية من أحاديثه الشيقة والعذبة.
كل هذا وغيره كثير هو ما أدى بي إلى كتابة هذه الكلمات - في وقت كنت فيه أكثر عزوفا عن الكتابة لانشغالات خاصة – اعترافا للمحاضر بجميل أسداه لي ولكل مفكري وباحثي ومثقفي وكتاب موريتانيا بل ولكل طلابها و"صانعي الكلام" فيها ومتتبعيهم، ومباركة كذلك لجهود مباركة قام بها المحاضر منذ أن رجع لوطنه في إجازة وجيزة له وحتى غادره متوجها إلى قطر، جهود سيكون لها – بلا شك – أثرها الإيجابي البالغ في نفوس إخوته الموريتانيين من ذوي الفئات والتخصصات السالفة، وستظل مصدر رقي "للتدين في عصر الثقافة الجماهيرية" ومقاربة فكرية لإشكالية "الدولة الإسلامية وموقف الإسلام منها" ولبنة قوية في بناء "العلاقة مع الغرب" وكذلك رؤية موضوعية "لأدب الخلاف بين الجمعيات والجماعات الإسلامية"
 ..بل وأكثر من ذلك ستظل أفكار الشنقيطي الجريئة والنيرة في مجملها مصابيح تنير درب السائرين في طريق الإصلاح في شتى ميادين الحياة وستزيل عديد الغبش الذي كان يعترض طريق هؤلاء المصلحين البررة – أرجوا الله أن لا يحرمنا من نعمة وجودهم بيننا وفي أمتنا بعد أن من علينا بهم – بل وأكثر من ذلك ستمثل مراجعة حقيقية في موريتانيا بل والعالم أجمع لفكر وسطي زان الأمة منذ فترة طويلة ومازال يزينها وتمتاز به عن باقي الأمم، كما أنه أيقظها من نوم عميق بل من موتة سريرية انتابتها لتستعيد يقظتها من جديد وتسير في طريق أراده الله لها
و به اكتسبت الخيرية التي وصفها الله بها في كتابه العزيز: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ).
ومن خلال العروض القيمة التي قدمها الشنقيطي طيلة فترة إقامته بيننا لمست فيه صفات قد لا أكون أول من التمسها فيه وطبعا لن أكون منفردا بالتماسها وهي صفات طبيعية في ورثة الأنبياء من علماء ومصلحين وقادة عظماء ومن تلك الصفات وأعظمها:
-        إرادة إصلاحية جادة يكتنفها العطف على الناس وحب الخير لهم  ويظهر ذلك من خلال تعليقه على تعليق لمحمد إقبال أنه نقل عن  شاعر أفغاني صوفي قوله إنه لوكان مكان محمد صلى الله عليه وسلم حينما وصل السماء السابعة في رحلة الإسراء والمعراج فلن يعود إلى الأرض كما عاد محمد صلى الله عليه وسلم إليها فعلق محمد إقبال بأن الأنبياء يعتبرون "الوصول" بداية الطريق وعلق الشنقيطي بأن "أهل الأرض محتاجون إلى رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى الأرض"، وتستند – أعني الإرادة الإصلاحية - على عدم التشدد ونبذ الإسراع في الأحكام وفي ذلك يقول إذا أردت أن تحكم على جماعة وطائفة فلا تكتفي فقط بقراءة ما كتبت تلك الجماعة فليس كل ما كتبت تؤمن به بل عليك أن تسألهم وتحاورهم حتى يتسنى لك الحكم عليهم.
-        حب الإطلاع والحرص على الاستزادة من العلم ولمست ذلك  من استشهاداته الكثيرة التي لا تخلوا منها أحاديثه العذبة معتمدا أسلوب ذكر المرجع ومؤلفه وسرد الاستشهاد بعبارات صاحبه لا بأسلوب "شنقيطي" خاص، وتصاحب هاتين الميزتين علمية في الفتوى وذلك حين يقول: أنه عندما يسأل عن حكم الغناء فيقول "المشهور حرمته والراجح إباحته" ومن علميته في الفتوى كذلك قوله أن الفتوى ليست عملية ديمقراطية تعتمد الكم بل هي قضية فحص تعتمد الخبرة والتمرس. ومن ذلك أيضا حرصه على التأصيل في محله وعند الاقتضاء.
-        جرأة في الطرح تزينها الوسطية في المنهج، الأولى تكمن في  قوله أن "الكافر يمكن أن يكون رئيسا على دولة مسلمة" والثانية في إكثاره من ذكر بشارة النبي صلى الله بتعدد أبواب الجنة "للجنة أبواب ثمانية...."
وصفات أخرى كالتواضع والأخلاق الحسنة وعذوبة المنطق الذي لا يخلوا من الطرافة أحيانا والتي يغلب عليها الأسلوب العلمي الرصين الذي يتميز به. فما لمسته في الشنقيطي من صفات كثير وكثير تضيق الصفحات عن ذكر قليله بالأحرى كثيره.
وهذا قليل أردت كتابته عن شيخي المفكر الكبير والباحث المتميز والتجديدي الثائر – وليعذرني في هذه التعابير -  المتمكن في فقه التجديد محمد المختار الشنقيطي وهو طبعا لا يفي بالغرض لكن عدم تمكني في الكتابة وقلة بضاعتي وضيق الصفحات كل هذا أرغمني على الاكتفاء بما ذكرت فإلى أن تعود إلى وطنك من رحلة البحث مرة أخرى في إجازة أخرى  لك مني ألف تحية وشكر.