استطاع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحنكته الزائدة ودهائه العجيب أن يودع ملفه كمرشح لجائزة نوبل – الجائزة العالمية الكبرى – بل أن ينالها بـ"استحقاق" كما أعلنت عن ذلك اللجنة النرويجية المكلفة، لتتناولها وسائل الإعلام العالمية على نطاق أوسع وينقسم بني البشر ما بين مؤيد لقرار اللجنة ورافض له وطبعا لكل حججه ومسوغاتها التي يستميت في الدفاع عنها وله الحق في ذلك.
وفي نظري أن فوز أوباما بجائزة نوبل للسلام يستحق الوقوف عنده وخاصة إذا نظرنا إلى كونه لم يكمل حتى الآن سوى تسعة أشهر على توليه رئاسة دولة مثل أمريكا ذات التاريخ الطويل في وأد معاهدات السلام ونقض المواثيق الدولية وبشكل سافر أو مقنع أحيانا والمعادية كذلك للإسلام والمسلمين والملطخة بدمائهم في فلسطين وأفغانستان والعراق والصومال .. إلى آخر القائمة الطويلة.
يمكن القول أن أوبوما نجح إعلاميا في إقناع العالم بأنه الرجل الأسمر "المنتظر" المناهض لسياسات سلفه جورج دابليو بوش والقادر على إزالة الصورة القاتمة التي ظهرت بها الولايات المتحدة الأمريكية منذ فترة ليست بالقصيرة والتي تأذى منها حتى الشعب الأمريكي نفسه بل القادر على قيادة العالم بأسره في جو من التقارب والتلاحم والاحترام المتبادل لم يسبق له مثيل من خلال خطبه النيرة والتي دفعت العالم بشكل عام والإسلامي منه بشكل خاص إلى مزيد من التفاؤل بغد مشرق لعالم مزقته سياسات التهور وتحكيم الأهواء، لكن يمكن أيضا القول بل الحكم على ما سلف من سياسات الرجل الأسمر بأنها لا تعدوا كونها خطابات رنانة تخلوا من أي مدلول عملي يعززها سواء ما تعلق منها بالعلاقة مع الأمة المسلمة بشكل عام وموضوع حوار الحضارات أو التي تتعلق بالمشروع الإحتلالي الصهيوأمريكي بشكل خاص الذي مازال قائما في العديد من الدول العربية والإسلامية و على رأسهم دولة فلسطين لب الصراع بين الإسلام والغرب، ضف إلى ذلك الوضع الإنساني المزري والذي يتفاقم يوما بعد يوم بفعل الآلة الصهيونية الوقحة وجنوده "المغاوير" بمباركة واضحة منه أحيانا أو بصمت ذريع ومخجل في أحايين أجرى، وحسبكم أن تتذكروا صمته المشين آنذاك على الجرائم الصهيونية في الحرب على غزة وما أعقبها من غارات ومجازر ومن سياسات التجويع وانتهاك للمقدسات وأخيرا تكميم صوت الإنسانية الذي كاد أن يشهد العالم على إدانة الكيان الصهيوني الغاصب، لولا أن تدارك الأمر، بل والنظر في واقع سجن أغوانتانامو المثير للجدل بعد تصريح لأوباما أعاد أمل البسمة من جديد إلى ملايين الأمهات المكلومات والتائقات لمعرفة مصير فلذات أكبادهن، ضف إلى ذلك ما هو قائم الآن في دول كأفغانستان والعراق والصومال و... من احتلال وتدمير تخريب وما يمكن أن يقوم غدا في السودان وغيرها من دول الإسلام، ليتسنى لك الحكم بشكل موضوعي على سياسات اوبوما - وإن كان حكما سابقا شيئا ما لأوانه – بل ليتسنى لك أيضا القول بأن موضوع نيل أوبوما لجائزة نوبل للسلام لا يعدو كونه مباركة من اللجنة الأوروبية -المشكوك في نزاهتها أصلا - للسيد الرئيس أوباما على جهوده المضنية في وأد "عمليات السلام" في مهدها كما هو حال سلفه بوش بل وتقوقعه في نفس الخندق الذي ختم فيه زميله مسيرته السياسية المضمخة بالدماء بعد أن رشقه البطل المغوار والصحفي منتظر الزيدي بحذائه المبارك، كما أنه يعيد إلى الأذهان أن جائزة نوبل للسلام لا ينالها إلا السفاحون منكم، وأنها جائزة للسلام كما تفسره قواميس وأدبيات آمريكا لا مفهوم السلام كما عرفته قواميس السياسية واللغة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق