بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

حتى لا يفشل منتدى الشباب؟

جميل أن تعمد الجمهورية الإسلامية الموريتانية إلى تنظيم منتدى وطني لشبابها من أجل فهم حاجياته وتطلعاته حتى تتمكن من صياغة سياسة وطنية للشباب تضمن لها المزيد من إشراكه في تنمية البلاد الاقتصادية والاجتماعية وتمكنها من الحصول على إستراتيجية فعالة لتنفيذها، مستعينة على ذلك بآراء قادة الرأي في البلد والشركاء في التنمية، ومنطلقة من أجل ذلك أيضا من تحسيس الشباب حول الأهداف التنموية الكبرى للبلد والتحديات الكبيرة التي يواجهها في طريق أدائه لدوره المنوط به، وكذلك من إنشاء حركة جمعوية وطنية للشباب القادرين على مواكبة وتطور البلاد.
حضور متميز..

والأجمل من ذلك هو الحضور الشبابي المكثف الذي تميز به المنتدى حتى عجزت قاعة "قصر المؤتمرات" من احتوائه، في مشهد أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه ينبأ عن مدى وعي الشباب الموريتاني بدوره الحيوي في النهوض بالوطن ودفع عجلة التنمية فيه، مجسدا ذلك في حضوره المكثف لكل الفعاليات الوطنية التي تعنى بالشباب وتسعى بشكل أو بآخر إلى الرفع من مستواه التكويني والتأهيلي، والذي تتعانق فيه دوما حجم المسؤولية الملقاة على الشباب في إنجاحها مع مستوى عال من الحضور الشبابي المتميز من حيث المسؤولية وحسن السلوك واللباقة في التعامل مع المنظمين وهو ما قد يشهد عليه كل من حضر المنتدى.
ارتجالية فوق العادة..

لكن مما ساءني وأنا أشارك في أعمال المنتدى أو ما يمكن أن أسميه بـ"الفكرة الرائدة والفريدة" هو تلك الارتجالية التي طبعت عملية إخراجه، والتي انعكست بشكل واضح على إخراج طبعته الأولى بل ربما تعصف بها وتحول دون تحقيق المنتدى الشبابي لأهدافه المرجوة منه وبالتالي وأد عملية إشراك الشباب في التنمية في مهدها بعد أن أصبحت ضرورة تفرض نفسها وخصوصا في ظل المتغيرات الراهنة.

وحتى نضع النقاط على الحروف، فقد تم كأول إجراء "تنظيمي" خارج القصر تقسيم أعداد هائلة من البطاقات على المشاركين من الشباب والكهول - على حد السواء – كان معيار "الوساطة" و"القرب" "والولاء الإيديولوجي" الحاضر الأبرز فيها الشيء الذي جعل الحضور يفوق الطاقة الاستيعابية للقصر الذي يدعى بقصر المؤتمرات الدولي، وأدى بلجنة التنظيم أن تلجأ إلى الإبقاء على العديد من المشاركين في باحة القصر بعد أن منعتهم من الدخول للقاعة الرسمية بحجة امتلاء القاعة.
تسييس وأدلجة..

والأمر من ذلك هو كون الأمر – أعني معايير تقسيم البطاقات - يمكن أن يكون شاهد عدل على إمكانية تسييس هذا المنتدى وإخضاعه للصراعات الأيدلوجية الذي بات بعض المشاركين يتخوف منه أكثر من غيره الشيء الذي – وقع بالفعل - قد يسرع بموت المنتدى سريريا على الأقل إن لم يقض عليه بشكل كامل.

فيما كان الإجراء الثاني داخل القاعة هو عدم توزيع خارطة المقاعد داخل القصر على الوفود والمدعوين بل حتى على المشاركين، حيث عملت لجنة التنظيم على عدم تخصيص مقاعد وإن قلوا للصحافة الوطنية الساعية لتغطية الحدث الشبابي الهام واكتفائهم بمنحهم بطاقة غير موقعة تسمح لهم فقط بدخول القاعة دون أدنى مميزات.
صورة مهينة..

ضف إلى ذلك سعي اللجنة إلى حشر الشباب المشاركين الذين هم المعني الأول والأخير في زاوية ضيقة بمؤخرة القاعة في صورة مهينة - حسب تعبير أحدهم – وتنبأ بجلاء بأنه لا شيء قد تغير حتى الآن فالأمر لا يعدوا كونه رتوش مضلل يكرس السياسات المعتمدة عند الأنظمة المتعاقبة نحو العناية بالشباب والتي مل الشباب اجترارها، دون جني أي فائدة منها - يعلق آخر -.
استمارة ودعوات..

كما أن تقسيم استمارة معقدة على الشباب المشاركين دون أن يتلقوا أي دورة تكوينية أو شرح على الأقل من اللجنة المشرفة، حتى يستطيعوا التعامل معها بما يضمن استفادة الوزارة منها والبناء عليها في صياغة السياسة الوطنية للشباب التي تعد أحد الأهداف الرئيسية للمنتدى أيضا من الأمور التي قد تنسف بالجهود المبذولة في سبيل إنجاح المنتدى، بل ستعمل بلاشك على إفشاله لا قدر الله ذلك.

وفي صورة أخرى من صور الارتجالية - التي قصمت ظهر البعير – ما كان من المشرفين على المنتدى من تقصير في جانب الدعوات، حيث لم تصل لا المؤسسات المعنية بالشأن الشبابي ولا المؤسسات الإعلامية المستقلة العاملة في البلد أي دعوة لحضور هذا الحدث الهام والذي كان من المفترض أن يكون محل اهتمام للقطاع الإعلامي عكس ما تم من إقصائه بشكل مقصود آو غير مقصود مكتفين، بالمؤسسات الإعلامية الرسمية أعني الإذاعة والتلفزة.
تنبيه..

وانطلاقا من حاجة الشباب - في ظل المتغيرات الدولية الراهنة – لهذا النوع من المنتديات الشبابية بل إلى البرلمانات الشبابية على غرار ما هو واقع في العديد من دول العالم، ولأنني أحد هذا الشباب وأعاني معاناتهم وأحمل همومهم، فإني أنبه إلى بعض الأخطاء الكبيرة التي سجلتها أيام مشاركتي في منتدى الشباب الوطني من باب النقد البناء، يحدوني الأمل في أنها ستسجل عند الجهات المعنية حتى يقوم على أساسها المنتدى وتتم الاستفادة منها من طرف الجهة المذكورة في النسخ القادمة من طبعاته وإلى أن ينجح المؤتمر أو يفشل - وهو ما لا نبغيه - يبقى أمل الشباب معقودا في ما قد يتحقق من نتائج كانت متوخاة من المنتدى وكيف ستنعكس على واقع الشباب المزري حقيقة؟


الثلاثاء، 15 ديسمبر 2009

موريتانيا تحتاج للجميع

كانت تصريحات الرئيس محمد ولد عبد العزيز عقب زيارته لمستشفى الشيخ زايد واستقباله لبعض الشخصيات المعارضة أو المحسوبة على المعارضة كافية لإظهار حالة التشكل السياسي المرتقب عقب الانتخابات الأخيرة التي أوصلت ولد عبد العزيز إلى سدة الحكم.
هذا التشكل المرتقب، هو ما جعل العديد من المحللين السياسيين يتحدث عن إمكانية استغلال الرئيس ولد عبد العزيز له من أجل تطويعه عن ذكاء لإدارة الحكم وبناء "موريتانيا الجديد" وخصوصا بعد أن بات من المحقق الحديث عن تشكل سياسي جديد، وأنه يمكن للرئيس ركوب موجته، هذه للعبور بموريتانيا إلى شاطئ النماء.

تشكل سياسي..
هذه الانتخابات وما أعقبها من المواقف المتباينة حولها مثلت ما يمكن أن نصطلح عليه بداية التشكل السياسي الجديد الذي بدأ يظهر رغم كل تصريحات الرئيس ولد عبد العزيز القاضية بعدم إشراك المعارضة - أو تحديدا كل من لم يدعمه في الانتخابات - في الحكومة، إن لم يكن في كل القضايا المتعلقة ببناء "موريتانيا الجديدة"، وفتح الباب واسعا أمام قوى الأغلبية من خلال صلاحياتها "الواسعة" لإدارة شؤون الحكم دون أن يكون هناك من ينغص عملها أو من يمكن أن تسول له نفسه أن يتقاسم معها الكعكة.
ورغم طمأنة قوى الأغلبية من طرف العديد من المحللين السياسيين بأن كل المؤشرات تنبأ بعدم وجود أي تشكل سياسي ينسف بتشكل ما قبل الانتخابات إلا أن الرياح باتت مؤخرا تسير عكس ما تشتهيه السفن حيث أن ولد عبد العزيز بدأ يخطط لما يقول البعض أنه محاولة لتفكيك المعارضة لأسباب تتعلق بأسلوب إدارة الحكم، أو يحاول بطريقة أو بأخرى - بناء على معطيات ما بعد الانتخابات وبالأخص ما أفرزه التعاطي بين المعارضة والحكومة في الفترة نفسها - أن يشرك "المعارضة الناصحة" في إدارة شؤون الحكم ويقطع الطريق أمام "المعارضة المتشددة".

مصطلحات جديدة..
بناء على مستوى التعاطي بين الحكومة والمعارضة اصطلح العديد من المراقبين على مصطلحي "المعارضة الناصحة" والمعارضة المتشددة" فكان الأول من نصيب بعض الأحزاب والشخصيات السياسية التي اعترفت بنتائج انتخابات الثامن عشر من يولو الماضي، أو التي اعتبرتها مكسبا مهما تجب المحافظة عليه، كما أنها اتخذت من النصح والتعاطي بإيجابية مع القضايا التي تتطلب ذلك، وكذلك تثمينها للعديد من الأمور التي تستحق التثمين حسب رأي العديد من المهتمين بالشأن السياسي، فيما كان مصطلح "المعارضة الناصحة" من نصيب الذين لم يعترفوا بنتائج الاقتراع، واتخذوا مواقف يرى البعض بتشددها وإن كانوا هم يرون عكس ذلك، ويقولون أنهم إنما اتخذوها على مضض ومن أبرز مواقف المعارضة المتشددة حسب المصطلح الجديد موقفهم من الانتخابات الماضية وكذاك موقفهم من محاكمة رجال الأعمال الموريتانيين، وهي المواقف ذاتها التي ترى قوى الأغلبية أنها بالمتشددة وأصبحت تنظر، إليها - أعني المواقف - بعين الشك والريبة بل الأمر من ذلك كونهم يفسرونها على أنها محاولة لتأزيم الأوضاع وبالتالي إفشال أداء الحكومة الحالية.

استقبال وتهجم
هذا التشكل الجديد الذي برز إلى العيان وخصوصا بعد لقاء الرئيس ولد عبد العزيز للعديد من الشخصيات السياسية المهمة المحسوبة على المعارضة وبعض رؤساء الأحزاب المعارضة كذلك في مقابل التهجم وبشكل واضح وصريح على البعض الآخر من طرف الرئيس نفسه، بل ساهمت فيه أيضا – بشكل مقصود أو لا مقصود - التلفزة الوطنية التي تعد الوسيلة الإعلامية المرئية الرسمية الوحيدة في البلد، كان كافيا لإثارة الجدل حول مستقبله وهل يمكن أن يخلق ارضية جديدة ليس فقط للتصالح رغم أهمته وإنما أيضا لفتح المجال واسعا أما مشاركة الجميع في بناء الدولة الجريحة.

ديمقراطية عقيمة..
ومهما يكن فإن على الرئيس أن يستغل هذا التشكل ليس من أجل احتواء البعض وإقصاء الآخرين بل في جعل الكل يساهم حسب موقعه في الأغلبية أو في شقي المعارضة في بناء موريتانيا الجديدة التي تعهد الرئيس ببنائها لأن بناء موريتانيا الجديدة لا يمكن أن يكون حكرا على مجموعة دون أخرى كما أنه ليس مرتبطا بأداء أغلبية ولا أقلية وإنما يحتاج إلى تضافر جميع الجهود الوطنية المخلصة من أجل بنائها على أساس قوي يضمن لها النماء والازدهار، كما أن إشراك الجميع في عملية التنمية والبناء يتطلبه منطق وأسس الديمقراطية السليمة عكس ما شاع في العقود الأخيرة من سيطرة قوى الأغلبية على الحكم واستئثارهم بإدارته حتى لا أقول "بناء الدولة" تجسيدا لديمقراطية "جديدة" أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها عقيمة.

الاثنين، 14 ديسمبر 2009

قبل أن يستفحل الخطر..

بعد عملية اختطاف المواطنين الأسبان نهاية الشهر المنصرم كانت قرية"امنيصرات" على موعد مع عملية مماثلة يوم السبت الماضي راح ضحيتها مواطنون إيطاليون، لتعيد التخوف من جديد حول إمكانية انتشار عمليات الاختطاف في القطر الموريتاني الذي لم يألف قط عمليات مشابهة وكان إلى عهد قريب مقصد العديد من الأجانب لما يتمتع به من أمن واستقرار.

تنسيق مشترك
بعد تغيير قيادة الدرك الوطني والتحويلات الواسعة في سلك الشرطة الوطنية عقب اختطاف المواطنين الأسبان وإقرار "قانونها الجديد" جاءت عملية اختطاف مواطنين إيطاليين من أصل مالي، لتجعلتنا نتساءل -ولنا الحق في ذلك-عن السر في تكرار هذا النوع من العمليات؟ وما مدى تأثيرها على الأمن الموريتاني وخصوصا بعد اعتراف الرئيس الموريتاني نفسه بوجود تراكمات أمنية كانت السبب في نجاح عمليات الاختطاف هذه؟
وإذا كانت موريتانيا ليست بدعا من الدول التي تشكل معها إقليما موحدا والتي ينشط فيها تنظيم القاعدة في المغرب العربي وجعل منها مسرحا للعديد من العمليات "الإرهابية" بمختلف أنواعها وأشكالها، كعمليات التفجير والاختطاف.. وغيرها مع ما تتمتع به بعض هذه الدول من تجهيزات، لمحاربة هذا النوع من الأعمال المخربة والتي تفوق طبعا التجهيزات الأمنية التي تتمتع بها الدولة الموريتانية الوليدة، وأنها باتت مهددة مثل العديد من الدول المجاورة لها بعمليات ارهابية تختلف باختلاف تطور وسائل وأهداف التنظيم المذكور، إلا أنه لا يمكن أبدا التذرع بكون محاربة هذا النوع من الأعمال الإرهابية مرتبطا بشكل كامل بأمن دول الإقليم وأنه مهما بلغت تجهيزات الدولة الفتية وتحصيناتها الأمنية فلن تجدي نفعا و لن تحد من تنفيذ تنظيم القاعدة لأي عمل يود القيام به على أراضيها إلا إذا وجد تنسيقا أمنيا مشتركا بين كل دول الإقليم.

دعوة للتدارك..
وإنما يمكن تدارك الأمر - رغم كونه أمرا شائكا وجد خطير ومشتركا أيضا بين دول إقليم كامل - إذا ما تم العمل على إعداد هيكلة جديدة وجادة لقطاع الأمن الوطني ومده بأحدث أنواع التجهيزات وتكوينه بما يتلاءم و تطور الأحداث الأمنية ووسائلها هذا إضافة إلى تحسين وضعية العاملين بالقطاع كعامل يضمن لهم القيام بمهامهم كما ينبغي، كما أن إشاعة الأخلاق الفاضلة والعدل بين الناس، وعدم مصادرة آرائهم بل منحهم الفرصة للتعبير عنها كل هذه أمور مهمة للمواطن نفسه قد تحول دون اندفاعه فيما لا تحمد عقباه، وأيضا أنه بمراعاة كل هذه الأمور المذكورة وغيرها قد يغير من الوضع الحالي ويجعل من موريتانيا دولة تتمتع  بتحصيناتها الأمنية التي تضمن لها الحفاظ على مواطنيها بشكل خاص وعلى رعاياها بشكل عام، وبالرغم من أن الأمر بالغ الصعوبة والتعقيد إلا أن تمتع الجهات المعنية بالإرادة القوية والجادة والمشوبة بشحنة كبيرة من الإخلاص ستحقق بلاشك المراد وتدفع بموريتانيا نحو مزيد من الأمن والأمان والتقدم والازدهار، وبالرغم من كون موريتانيا "دولة" من إقليم معين له إشكالاته الأمنية الخاصة والتي تتطلب تنسيقا أمنيا مشتركا بين جميع الدول المكونة له بما فيها محور - مالي والجزائر والمغرب - إلا أنه لا يمكن أن يكون ذلك عائقا أمام الأمن الموريتاني في ضبط أراضيه وجعلها محصنة ضد أي عمل يعرض ساكنتها للخطر.
ومن هنا أوجه دعوة إلى الرئيس الموريتاني والجهات المختصة والوصية أن تتدارك الأمر قبل أن يستفحل ويصعب حينها القضاء عليه، من منطلق أن هذا النوع من الأعمال يقضي على العنصر البشري الذي حثت جميع الشرائع على المحافظة على حياته كما أنه يعيق التنمية في البلاد ويشوه سمعتها في العالم.  

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2009

الحرب على الفساد.. هل سيكون الرئيس عند حسن الظن؟

لا تزال قضية اعتقال رجال الأعمال الموريتانيين في إطار ما بات يعرف بالحرب على الفساد التي وضعها محمد ولد عبد العزيز على رأس برنامجه الانتخابي والتي شرع فيها منذ البدايات الأولى لحكمه ربما وفاء بتعهده الذي قطعه على نفسه وانتخب من أجله الشغل الشاغل للمواطن الموريتاني الذي لم يألف قط اعتقال رجال الأعمال، بل يصف عملية الاعتقال هذه بالخطيرة على أمن واستقرار البلد ويرجع ذلك إلى قناعته الراسخة بأن رجال الأعمال هم المتحكمون في البلد ويملكون زمام الأمور كما أنهم هم من يتحكمون أيضا في حركة السوق وبالتالي في أرزاق هذا الشعب المسكين ويعتبرون أن محاكمتهم على أي قضية كانت هو نوع من وضع البلد على الهاوية والمجازفة بالأمن الغذائي للشعب الموريتاني.

حرب شعواء..
وقد بدأ الرئيس محمد ولد عبد العزيز حربه الشعواء هذه بعمليات تفتيش يصفها البعض بالواسعة طالت العديد من الإدارات العمومية والشركات الوطنية، تم من خلالها الوقوف على حجم الفساد المنتشر في البلد وتمت محاسبة كل من هؤلاء بالتجريد من الوظائف حيث تم تجريد العديد من الأشخاص من وظائفهم وهو ما يعزوه بعض مناصري الرئيس إلى نتائج التفتيش التي أظهرت حجم الفساد في البلد فيما شكك معارضوه في جدوائية عملية التفتيش أصلا واعتبروها "حقا أريد به باطل" ويستدلون على ذلك بما وصفوه "بالانتقائية" التي مارسها ولد عبد العزيز في عملية التجريد هذه.
أما الخطوة الثانية هي اعتقال أبرز رجال الأعمال الموريتانيين ممن ترى السلطة الحاكمة أنها أثبتت ممارستهم لأعمال فساد من خلال تحويلات مالية تصفها بالمشبوهة عملت بناء على ذلك على مصادرة معداتهم عند شرطة الجرائم المالية حتى يستعيدوا للدولة كل ما أخذوا بغير وجه حق حسب تعبير السلطة، وهو ما أثار جدلا كبيرا في البلد ليس أقله أهمية الاتهامات المتبادلة بين أنصار الرئيس ومعارضيه ففي الوقت الذي يصف فيه أنصار الرئيس الخطوة بالجادة والمعبرة عن وفاء الرئيس بتعهداته أمام شعبه، معتبرين أن قضية الفساد قضية جوهرية ويمكن محاربتها رغم حساسيتها وتشعبها ،وما تحتاجه فقط إرادة قوية وجادة وشجاعة تبعث على الإقدام ولو على خطوة واحدة في اتجاه محاربتها فأول الطريق خطوة، فيما يعتبر معارضو الرئيس الخطوة بغير الجادة، ولا تستهدف سوى الشخصيات المعارضة وبالذات التي امتنعت عن التصويت للرئيس في الانتخابات الأخيرة، فالخطوة – كما يقول أحدهم انتقائية إلى حد الثمالة، ويتساءل آخر ألم يشمل الرئيس في خطاباته الرنانة العديد من الشخصيات التي وصفها آن ذاك بالمفسدة وبأنها هي من أنهكت البلد وعبثت بخيراته وحينما اتجهت الشخصيات نفسها إلى دعمه حتى بعد الانتخابات سكت عنها ولم تطلها حتى الآن أية عملية اعتقال ولا حتى عملية تفتيش؟.

الطريق الشائك..
إن على الرئيس ولد عبد العزيز أن يفهم أن الحرب على الفساد و المفسدين يجب أن تظل على رأس أولوياته حتى لا تظل مقدرات شعبه وهيبة دولته في مهب الريح كما أنها أيضا أساسية في جانب رد الاعتبار للدولة في جميع أبعدها بل يمكن ايضا أن تسترجع الدولة من خلالها بعضا من أموالها وبناها التحتية لتساهم في تنميتها وتدعيم قدرتها المالية التي هي العجلة الأساسية في نماء الدول.
كما أن عليه أيضا أن يفهم أن "الحرب على الفساد" طريق شائك يحتاج سالكه إلى خطوات أكثر تركيزا، بعد أن تسبق بتمهيد للطريق حتى لا يتوقف سالكها في أول الطريق ليعود أدراجها وإلى الأبد.
كما أنها طريق تحتاج مزيدا من قوة العزيمة والتجرد من كل الأهواء والمواقف السياسية ووضع الجميع في سلة واحدة، مساويا بين "القريب" و"البعيد" والموالي والمعارض وبين رجل الأعمال والتاجر الصغير والمسؤول الكبير والموظف البسيط فالكل يجب أن تطاله حملة التفتيش وموجة الإعتقلات ويد العدالة دون استثناء مهما كان موقفه أو موقعه السياسي أو الإجتماعي، لكن انطلاقا من مبدء المساواة.
إلى ينقشع الظلام وتكشف النوايا حول موضوع الحرب على الفساد بشكل عام واعتقال رجال الأعمال منه بشكل خاص وعن مدى جدية هذه الحرب وقدرتها على المواصلة حتى تحصد على الأقل القدر الأدنى من النتائج المتوخاة منها، يبقى أمل الموريتانيين كبيرا في رئيسهم ومن يفترض أن يكون قائد مسيرة الإصلاح فيهم حتى يستعيد لدولتهم الوليدة هيبتها ويحافظ على مقدراتها وثرواتها من يد التخريب والفساد، فهل سيكون الرئيس محمد ولد عبد العزيز عند حسن ظنهم؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة بإذن الله