بعد أن مل ما يسمى "بالأزمة السياسية" أو الحالة اللا دستورية التي تعيشها البلاد منذ السادس من أغسطس الماضي عاش الرأي العام الموريتاني حالة ترقب – كما هو الحال مع كل إطلالة وساطة من هذا النوع- لحدوث انفراج ينهي الأزمة السياسية الموريتانية الحالية على إثر اتفاق بين الفرقاء السياسيين يضمن إعادة تصحيح المسار السياسي والعودة بالبلاد إلى النظام الديمقراطي الذي صنعه اعلي ولد محمد فال ربما كفارة من العسكر لعديد الانقلابات التي عانت منها الدولة الموريتانية الحديثة وأنهكت مقدراتها الشيء الذي لم يرق لولد عبد العزيز فأراد أن لا يفصل موريتانيا عن تاريخها الانقلابي.
وكان أن رافق هذا الترقب من طرف الرأي العام كل صولات وجولات الوسيط السنغالي عله أن يكون أقدر من غيره على النجاح في إدارة الأزمة وإقناع الأطراف المتصارعة بضرورة تقديم بعض التنازلات التي وإن كانت مؤلمة إلا أنها تبقى هزيلة إذا ما قيست بالمصلحة العليا للبلد وما قد تعود به من نتائج إيجابية تدفع بحالة البلد إلى الأمن والاستقرار واستعادة مكانته الدولية والإقليمية وبالإضافة إلى حالة الترقب هذه من طرف البعض إن لم يكن الكل اكتفى البعض الآخر بوضع "الموازين القسط" لحساب الأرباح التي قد يجنيها هذا الطرف إزاء تقديمه لبعض التنازلات التي قدمها بشح الأنفس اعتبارا منه للمصلحة العليا للوطن والخسائر التي من مجرد الجلوس على طاولة الحوار في ظل وساطة كهذه معتبرا ذلك نقصا من هيبته أو اعترافا بالآخر أو ما قد يلحقه أيضا من خسائر إذا ما ضرب عرض الحائط بكل تصور للحل وإجهاض كل مبادرة في السياق ذاته واكتفاءه بالتعصب والدفاع عن آراء يعتبر نفسه كأنما صمم أصلا للدفاع عنها وإن كانت على حساب وطنه الذي ينظر إليه أصلا بعيون المواطن الحق ولا يقسم عليه قسم زهير – بل يقسم بالعكس- حيث يقول:
ولي وطن آليت أن لا أبيعه
ولا أري غيري له الدهر بانيا
ومن هنا أقول أنه مهما كانت الموازين ومهما كانت المادة الموزونة فإن الرابح الأكبر والوحيد هو من أنقذ موريتانيا من أزمتها الحالية مقدما مصلحة الوطن عن كل الاعتبارات الشخصية أو القبلية أو الفئوية أو الحزبية أو....
بينما يبقى الخاسر الأكبر والوحيد هو من عمل على تعميق الأزمة والسير بالبلاد نحو الهاوية بهدف المحافظة على بعض المصالح الهزيلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق