بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

نحو إعلام أكثر حرية وتطورا

الشيخ داداه ولد آباه
cheikhdadah85@gmail.com

رغم المشاكل العدة والحادة التي لا زالت تعاني منها الصحافة الموريتانية من قبيل، هشاشة القوانين المنظمة لقطاع الصحافة في موريتانيا - كنتيجة لـ"نسبية" الحرية المتاحة للإعلام في إطار تأديته لمهمته النبيلة - وصعوبة ولوج الصحفيين إلى مصادر الأخبار- بفعل الانفتاح النسبي جدا للمؤسسات العمومية الوطنية على وسائل الإعلام – فضلا عن غياب إستراتيجية وطنية جادة من شأنها الرفع من مستوى قدرة الإعلاميين الوطنيين على توجيه مقود الإعلام بما يخدم الوطن والمواطن... كل هذا وغيره من المشاكل الجمة التي يعاني منها الإعلام الوطني والتي كان لها انعكاس مباشر على مضمون وشكل الصحافة الموريتانية، إلا أنه وبالرغم مما ذكرنا يمكن القول أن مساحة حرية الإعلام في البلد عرفت فسحة بل تحسنا ملحوظا جعلها تحتل المرتبة الخامسة والتسعون عالميا، بل المرتبة الأولى مغاربيا، صاعدة بذلك - خلال عام واحد - عشر درجات نحو التحسن في مجال حرية الصحافة، كما أنه جعلها أيضا تحظى بشهادة هامة من منظمة مراسلون بلا حدود في تقريرها السنوي لهذا العام حول حرية الصحافة، في مائة وثمانية وسبعين دولة، تفيد بأنه "في ظل حدوث انقلاب عسكري في موريتانيا تم تلافي تداعياته بتنظيم انتخابات رئاسية، ظلت موريتانيا تتمتع بمستوى أفضل في مجال حرية الصحافة يفوق نظيره في باقي البلدان المغاربية"، وهو أمر يستحق منا الإشادة والتقدير وخصوصا إذا ما نظرنا إلى أهمية حرية الإعلام كمبدأ أساسي من مبادئ الديمقراطية، وأنها مناط التنمية والحكم الرشيد.
 
لكننا في ظل هذه النتيجة "المقبولة" وهذا الترتيب "الحسن" بل ومن أجل أن يظل الإعلام الوطني يرتقي سلم الصعود بشكل أسرع، ارتأيت هنا – باعتباري أحد المتطفلين على "سخيله" - تقديم رؤية صريحة ومشفقة للمعنيين بقطاع الإعلام، من جهات مسؤولة، وصحافة عاملة، بهدف الدفع بالإعلام نحو مزيد من التقدم والازدهار، وتتلخص هذه الرؤية في ما يلي:
• أولا: على الصحافة أن تلتمس الحقائق وتلتزم بها وتتسم بالصدق والدقة بعيدا عن التحريف والتضخيم، فالمبالغات الزائدة من قبل الصحافة قد تؤدي إلى نتائج عكسية في المجتمع، كما أن الشفافية هي المعيار المناسب للحكم على مصداقية الصحافة.
وأيضا على الصحف والمواقع الالكترونية أن يتبنوا القضايا الوطنية بمزيد من الموضوعية والحياد بعيدا عن التهويل والمزايدات، وأن يجعلوا منطلقهم العام في ذلك خدمة المصالح العامة بعيدا عن المصالح الفئوية الخاصة.. وخدمة التنمية المحلية بعيدا عن محاولات التشويش.. كما أن عليها أيضا تترفع عن التوظيف الفكري للقضايا والوقائع، وأن تتعامل بمسؤولية أكبر مع مستوى الثقة التي يمنحها لها المواطن البسيط وأهل الشأن والرأي، حتى تؤدي دورها المنوط بها، من تنمية الوعي المجتمعي وتثقيف الرأي العام وتوجيهه، فضلا عن استقصاء جميع نواحي الفساد والسعي إلى تحجيمها، وأن لا تنسى أو تتناسى أن مناط ذلك كله التمتع بالمصداقية والمصداقية فقط.

• ثانيا: على الجهات المعنية ما يلي:
1- إلغاء كل المواد التي من شأنها تقييد الإعلام كالتي تجيز الرقابة القبلية على الصحف ومصادرتها أو حظر صدورها.
2- إلغاء كل البنود التي قد تفرض قيودا على الحريات العامة من قانون السمعيات البصرية في موريتانيا الذي أجيز بعد أشهر من الآن من طرف البرلمان الموريتاني، ومراجعة تلك التي قد تمنح الحكومة سلطة تقديرية تخولها تحديد شروطا – قد تكون مجحفة - تمنح على أساسها التراخيص للجمعيات والمنظمات الراغبة في فتح إذاعات ومحطات إعلامية.
3- إلغاء بند حبس الصحفيين على القضايا المتعلقة بالنشر.
4- تقديم الدعم اللازم لقطاع الصحافة حتى يستطيع أن يطلع بدوره المنوط به.
5- تفعيل السياسة التكوينية، التي أعلن عنها في وقت سابق من طرف الجهات المعنية بإصلاح قطاع الصحافة، والهادفة - بحسب المعنيين - إلى الرفع من أداء الصحفيين الموريتانيين، وذلك من خلال تقديم دورات متخصصة تحسن من أدائهم الإعلامي، إضافة إلى فتح - وبشكل فعلي - قسم للصحافة بالمدرسة الوطنية للإدارة يكون قادرا على استقبال وتكوين الصحفيين من حيث قدرته الاستيعابية، واحتوائه على المعدات اللازمة، فضلا عن وضع معايير شفافة ونزيهة لاختيار المكونين والمتكونين في آن واحد.
6- أن تزن السلطات التنفيذية الأمور المتعلق بقضايا النشر والإعلام بموازين العدل، لا أن تظل تكيل التهم جزافا للصحافة دون أدنى دليل، وأن تغلب في ذلك منطق تحقيق المصالح المشتركة لا منطق المصالح الخاصة كتلميع صورتها مثلا.
وأخيرا أقول أن على الصحافة أن تساعد في ترشيد القرار الوطني - مهما كان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا - إذا ما تثبتت وأدركت أبعاد كل قضية أرادت أو تريد نشرها، لكنها في الوقت نفسه معنية أولا وأخيرا بإيصال الأصوات المحرومة والمهمشة إلى حيث ينبغي أن تصل.
وبين هذا وذاك يظل الإعلام قوة تؤثر على سلوك البشر، وتلعب دورا في الحياة السياسية والاجتماعية، وتستطيع الإطاحة برؤساء دول، وتغيير سياسات حكومات.

هناك تعليق واحد: