بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 1 ديسمبر 2011

من السنغال.. مشاهدات وطرائف(ح1)


الشيخ داداه ولد آباه
cheikhdadah85@gmail.com

تعتبر الكتابة عن البلدان والأشخاص من الأمور الصعبة والمحرجة في آن، بالنسبة لي، مقارنة ما باقي أنماط الكتابة الأخرى، وذلك لما تتطلبه من فنيات وأدوات خاصة، لا أجد نفسي متقنا لها، إلا أنني لا أجد - هذه المرة - بدا من ركوب موجها، باعتبار أهميتها في نقل وحفظ ما سأودعه هذه السطور من مشاهدات رائعة وذكريات جميلة، بل ومواقف طريفة أيضا اقتنصتها خلال رحلة فريدة قادتني إلى جارتنا السنغال. خاصة عاصمتها الموسومة بداكار، وكان ذلك خلال إجازتي السنوية، في أكتوبر الماضي.

الرحلة بدأتها من كرمسين باتجاه جاما، حيث عبرت عبر معبرها المعروف ب"سد جاما" باتجاه مدينة سينلوي لأواصل بعد ذلك الرحلة نحو داكار، عبر طريق معبد هو أول ما سأبدأ به هذه السطور.

حول الطريق..
يعتبر الطريق الرابط بين مدينة سينلوي والعاصمة السنغالية داكار أهم مكون من مكونات شبكة الطرق السنغالية والتي سنفصل فيها في موضع لاحق، وقد وجدت في هذا الطريق – رغم طول مسافته – متعة السفر وبهارة جمال الطبيعة، وذلك لما تجده فيه من انسيابية يعز نظيرها، تنمحي معها تماما تأثيرات التشققات والحفر الطرقية كالتي أجدها في طريق (نواكشوط – روصو).

حفر وتشققات طالما عكرت صفو أسفاري من ولاية انحدر منها وتشكل فيها وعيي الأول أعني اترارزه، إلى عاصمة بلدي الحبيب "نواكشوط" هذا فضلا عن ما تسببت وتتسبب فيه الآن هذه الحفر وتلك التشققات من حوادث مؤلمة راح ضحيتها مئات المواطنين، ومثلهم من الأجانب الذين يسلكونه في سفر داخل البلد أو خارجه نحو أحد البلدان المجاورة.
ولا يمكن أن أنسى هنا وأنا أسرد مميزات ذلك الطريق الهام، تلك الحدائق الغناء والمزارع الخضراء التي لا تفتأ تكحل مقلتيك من حين لآخر في بلد وجدت إعلان جفاف أراضيه من المفارقات العجيبة التي لم أجد لها من تفسير سوى أنها "حاجة في نفس يعقوب".

وهي الحدائق والمزارع التي منحته منظرا جماليا وصبغة سياحية تبعث على الراحة والاطمئنان، وليس ذلك فقط، بل أكسبته أيضا أهمية خاصة في كونه يلعب دورا محوريا في نهضة البلد وتنميته الاقتصادية، على الأقل، من حيث تسهيل حركة الموارد الزراعية ومشتقاتها في بلد تعتبر الزراعة من أهم موارده الاقتصادية.

قوم عمليون..
يجد هذا الوصف مصداقه الحقيقي في الشعب السنغالي الشقيق، خاصة إذا ما راقبت يومياته، وحركة أفراده، ذكورا كانوا أم إناثا، شبابا كانوا أم شيبا، فالكل قد لاتعدم له موطأ قدم في الإنتاج الوطني العام.

فالمساحات الزراعية الشاسعة، والأراضي المستصلحة الواسعة، هي من ينبؤك بروعة هذا المجتمع العملي، مجتمع اختاره الله خليفة في هذا القطر الضيق، من أرضه الواسعة، والذي لا تزيد مساحته على 196.190كم2 لحكمة بالغة هو أعلم بها، وقد أثبت هذا الشعب بما وسمته به من "عملية" فريدة تجد تفسيرها في بصماته الغائرة التي تركها على هذه الأرض المعطاءة، أنه وحده أهل لهذه الأرض، ووحده من يستطيع أن يحسن استغلالها ويستخرج كوامن درها ومرجانها.

غاص في عمق النهر الذي يحف أرضه من كل حدب وصوب فاستخرج كوامنه، سمكا ناعما أحسن إنضاجه في قدوره الرائعة وبه اشتهر في قطره، خاصة إذا أضيف إلى مادة الأرز، فيشكلا معا طبقا غذائيا لا يمل تناوله، عرف محليا بـ"جيبو أندر"، أو "جيبو جن" كما هي تسميته العامة، والأوسع انتشارا.

وليس ذلك فقط، بل أحسن كذلك استغلال أرضه المعطاءة بما أتيح له من وسائل مهما كانت بدائية، فبذر فيها من كل ثمرة أطيبها طعما، وأدومها نفعا، وأجزلها بركة، نخلا باسقا وشجرا مثمرا، يشكلان مع غيرهما من مزروعاته أعظم استثمار له.

هناك 5 تعليقات: